تتجلى ثراء الثقافة والتاريخ المغربي بشكل لافت في مدينة مراكش الجميلة، المدينة التي تحتفي بتاريخ طويل ومعاصره مليء بالمآثر الرائعة. تشتهر مراكش بأنها مركز مهم للتراث الإسلامي والثقافي الغني، ويبرز ذلك في العديد من المواقع التاريخية الشهيرة.
أول ما يلفت النظر عند زيارة مراكش هو الجامع الكبير "الكتبية"، وهو معلم أثري بارز يعود تاريخ بنائه إلى العام 1162 ميلادية. يشيد هذا المسجد المهيب بحضارة فترة المملكة الموحدية، ويتباهى بارتفاع مئذنتها الشاهقة اللتي يصل ارتفاعها إلى حوالي 70 مترًا، مما يسمح برؤيته حتى من مسافات بعيدة. تعتبر قصة بناء تلك المئذنة مثيرة للاهتمام؛ فقد ورد أنها شيدت بطريقة خاصة بحيث يمكن رؤية جمالها دون افتعال ضجة قد تؤرق زوجات الملك الذي كانت قصره ملاصقا لها. وفي الواقع، ينقل التقليد المحلي حكايات حول اختيار مؤذنين عميان ليلازموا المسجد تفاديًا لأي نقاش محتمل بشأن نظرة خاطفة على حرمات الحريم الملكي. لكن رغم هذا الحظر المفروض على دخول غير المسلمين إليه، فإن وجود الكتبية يظل رمزًا حيويًا للحياة الروحية والدينية لمراكش.
ومن ضمن الآثار المذهلة الأخرى التي تركتها الأسرة السعدية بصمة واضحة عليها هي قبور السعديين الواقعة مباشرة بجوار مسجد الكتبية نفسه. أمر ببنائها السلطان أحمد المنصور كمقبرة ملكية لعائلته وأصبح المكان فيما بعد موقع استراحتهم الأخير، والذي شهد وداعه الشخصي فيها سنة ١٦٠٣ميلاديه. وبعد مرور عقود قليلة وتحولت المقبرة إلى قطعة فنية هندسية رائعة تحمل سمات الطراز المعماري المغربي التقليدي بما فيه استخدام النقوش الإسلامية المتقنة والنوافذ الزجاج الملونة ونبات الجبس المثبت داخل سقف المبنى واناقة الشكل الخارجي للقبور نفسها المصنوعة جميعها من الرخام الناعم بالإضافة إلي عناصر أخرى مثل قطع الفسيفسائي وزخرفة خشبيه وغيرهما كثير . كما تحتوي هذه المنطقة المقدسه علي دفنه أشخاص خارج دائرت الإقطاع والحكام منهم خدم البيت ومجاهدين مخلصين امتازو بخدماته للسلسله العرشية وكذلك شخصيه مشهور تعرف باسم"الملوك الضائع او الرجل المجنون".
ومثلما يحتضن قلب العاصمة القديمة آثار الماضي المشرفه ،كما تتضمن خارطة مدينه مراكش الحديثة ايضا إحدى عجائب العالم الطبيعية والفنية وهي قصر البديع الذي شارف عمرانه علي ثلاث قرون مضت تحديدا حين انجز السلطان احمد المنصور مشروع إنشاء هيكل يختزل انتصارهعلى قوات البرتغال خلال الحرب التي دار اسمها "معركتي ثلاثة ملوك ".وظهر القصر كمظهر حضاري فاخر يستحق التأمل لما اشتهر بها من ديكورات راقية تتالف أساسا من تجاليد ذهبيه وهندسة معماريه مبتكرة ولكن اجواء الاحداث السياسية لاحقا أدت الي نقص جزء كبير منها حيث نهبه محمد الخامس لاستعمال مواد تزدان بيها واجهة بلده الجديدe Meknes. وعلى الرغم من اختفاء أغلبية محتويات القصر إلا أنه ما زالت هناك بعض مظاهر القوه والمجد تبعت له :متمثلة حصرا بسور هائل يغلق فضائ الأرض بينما يدخل إليها اشجار الحمضيات ويعطي نسائم عطرية مميزة لطابع المنتزه الداخلي للقصر وبالتالي فهو مكان مناسب لإقامة فعاليات ثقافية ممتعه كتلك التي تستضيفها منطقة ذات الحدائق منذ مطلع عقد الاثمينينات( يعني ٢٠١١) وهي بتحديد موعد سنوي خاص بعرض كوميدي عالمي عنوانه "مهرجان الدعابة العالمي"
إن مواطن الفن والإبداع الأدبي لهذه المدينة الغاية بكل تأكيد تعد مثالاً رائعًا للنضوج الإنساني والتقدم العلمي ومدى تأثير المجتمع المديني الراسخ المؤسسات الأثرية والسكان الأصليين الذين حافظوا عليه وطوروه للأجيال المقبلة ولعل هذا هو سر ازدهاره واستمرارية نبض قلبه العمراني والمفكر تاريخيًا وإنسانياً أيضًا