تاريخ مدينة سام (صنعاء): حاضرة اليمن القديم

التعليقات · 0 مشاهدات

تعد مدينة سام، المعروفة حاليًا بصنعاء، واحدة من أقدم المدن المعمورة على وجه الأرض. تُنسَب هذه المدينة العريقة إلى مؤسسها سام بن نوح عليه السلام، وهو أ

تعد مدينة سام، المعروفة حاليًا بصنعاء، واحدة من أقدم المدن المعمورة على وجه الأرض. تُنسَب هذه المدينة العريقة إلى مؤسسها سام بن نوح عليه السلام، وهو أحد أبناء النبي نوح حسب العقيدة الإسلامية. وتاريخ هذه المدينة يشهد على وجود حضاري غني ومتواصل عبر قرون طويلة.

تعود جذور مدينة سام إلى حضارة عاد القديمة، إحدى أبرز الحضارات التي ازدهرت بعد الطوفان الذي حدث أيام نبي الله نوح عليه السلام. كانت حضارة عاد رائدة في مجالات الزراعة والبناء وصناعة المستوطنات البشرية، مما جعل منها نموذجًا بارزًا لحياة حضارية راقية آنذاك.

وقد تناول الإمام ابن خلدون هذه الحقبة التاريخية بتوسع، موضحًا أن "قبيلة عاد ينتمون إلى عاد بن عوض بن إرم بن سام بن نوح، وكانت مسكنهم بالأحقاف وهي مناطق رملية خصبة في منطقة اليمن". أما بالنسبة للنبي هود -وهو جد قبيلة عاد- فقد أرسله الله سبحانه وتعالى لإرشاد قومه الذين كانوا يسكنون تلك البقاع المباركة.

تحظى مدينة سام بموقع مميز بين جبال اليمن الخلابة؛ حيث كانت محاذية لجبلَيْ عيبال ونقم حسب الوصف الدقيق الموجودة بالكتابات والمخطوطات القديمة. وفي تلك الفترة المبكرة جدًا للتاريخ الإسلامي والعربي بشكل عام، قام آزال بن يقطن (أو أوزال بن يقطن وفق بعض النصوص الأخرى)، بإقامة مستوطنة صغيرة حول جبل نقم. يُعتقد أنه كان أول مهاجر للاستقرار بشكل دائم بجوار الجبل الأخضر الفسيح، تاركًا خلفه آثارًا واضحة للأثر الثقافي والحضاري للعصور الأولى لتأسيس الحياة المنظمة داخل المدينة.

ويؤكد مؤرخون وفلاسفة مثل الحسن العمذاني والرازي على مكانة مدينة سام الفريدة كونها أول ملجأ بشري ثابت على أرض اليمن. فالعمذاني يؤكد أنها "أقدم مدينة في العالم" نظرًا لعلاقة نسبها بسام بن نوح مباشرة، بينما يسترجع الرازي اللحظة الجمالية للانتقاء عندما اختار سام بن نوح موقع المدينة "بين الجبلين جبل نقم وجبل عبيان"، مبرزا بذلك جمال الطبيعة وروعتها كمصدر إلهام للإنسانية لبناء مدنها واستيطانها.

هذه التفاصيل الغنية توضح مدى عمق التجذر والتكامل بين طبيعة المكان وحياة السكان الآوائل لساحةسام/ صنعاء التي ظل شعاع نورها ودلالاتها المعرفية والإنسانية تضيء طريق البشر نحو تقدم أكثر انفتاحاً وثباتاً على مر القرون المتلاحقة حتى وقتنا الحاضر.

التعليقات