تُعتبر قرية برجا، الواقعة في منطقة الشوف، إحدى أهم مراكز إنتاج الحرير التقليدي في لبنان منذ القرون الوسطى. ساهمت ظروف الطبيعة والموقع الاستراتيجي للمنطقة في جعلها موطنًا مثاليًا لتربية دودة القز وازدهار صناعة الحرير. يرجع تاريخ هذا الازدهار إلى نهاية القرن السابع عشر، مع حكم الأمير فخر الدين المعني الثاني، والذي شجع سكان المنطقة على رعاية دودة القز وتنمية زراعة أشجار التوت كمرعى لها.
ومع ذلك، تعرضت صناعة الحرير لهذه الصدمات الخارجية بسبب السياسات الاقتصادية غير المستدامة للعهد العثماني. فرض السلطات ضرائب ثقيلة على المنتجين المحليين، ما أدى إلى انخفاض الإنتاج وزيادة التكاليف. ومع ذلك، تمكن الأهالي لاحقًا من إعادة بناء اقتصادهم من خلال التركيز مجددًا على زراعة التوت ورعاية دودة القز، والتي بدأت تتزايد مرة أخرى مطلع القرن التاسع عشر.
لكن المصاعب لم تنته هنا؛ فقد تأثرت صناعة الحرير في فترة الحرب العالمية الأولى بشكل كارثي. اضطرت المجتمعات الريفية مثل تلك الموجودة في برجا للشروع في مشروع "الهجرة الزراعية"، وهي عملية انتقال مؤقت لسكان المناطق الريفية إلى المدن بحثا عن فرص عمل أثناء فترات المجاعة والأزمات الاقتصادية. وفي حين طبقت طريقة الهجرة الزراعية كمقاومة قصيرة المدى للأحداث المؤسفة آنذاك، فإنها تركت آلاف العائلات بدون مورد رزق دائم وقد تسببت أيضا بمزيدٍ من الاحباط السياسي الداخلي.
بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى وأثناء فترة ما بين الحربين العالميتين، شهد سوق المنسوجات تطورا ملحوظا نتيجة اعتماد حرفيين محليين على خيوط حريرية وقطنية مستوردة من أوروبا الغربية. رغم هذا التصحيح المؤقت للحالة الاقتصادية المتردية لفترة وجيزة نسبيا مقارنة بما سبقه وما لحق بعدهما مباشرةً إلا أنها كانت نقطة تحول هامة نحو تغيير جذري لنوع المنتج وخطة العمل نفسها فيما يتعلق بصناعة الأقمشة والحرف اليدوية البصرية العامة داخل المجتمع ذاته وعلى مستوى الدولة الأكبر مجتمعة أيضًا إذ بدأ ينشأ نوع مختلف تماماً أكثر رقياً وابداعيّة ممزوج بنكهة تراث شعب جبل الدروز العاملة لصالح نهضة جديدة قائمة بذاتها يطلق عليها اسم 'نسيج برّاجا'.
مع حلول ستينات القرن الماضي وشروعه عقد الثمانينيَّات ، تبددت آمال إحياء شباب هذه الصنعة القديمة وسط أجواء التشظي الاجتماعي والسياسي المضطربة حيث اندلعت أحداث لاحقة خلفت آثار خسائر مادية وكبيرة ومعنويه كذلك , دفعت بالأجيال الجديدة للإتجاه باتجاه وظائف أقل تعقيدا وطرق اخرى لكسب العيش خارج حدود الوطن الأم ليبقى بذلك ذكرى عطرة لأيام مضت مليئة بالعمل والإخلاص وحسن التعامل مع ثرواة أرض الله المباركة وغرس المزيد منها عبر كل مرحلة عمرانيه مر بها بلد الشمال العربي الكبير .
ختاما وليس انتهاءً ؛ يبقى لنا اليوم أمام صفحات تاريخ مشرقة كتبت بتضافر جهود الرجال والعقول الطموحة اهتمامه بالحفاظ ونقل أسرار فنونهما القديمتين لإبن قبلهم وهكذا متوالدة مدى الحياة فهذه رسالتنا جميعاً بلا شك بأن نحافظ ولاننسا أبداً أصالتنا العربية الخالصة مهما تغير شكل عالم الأنوار وحديثة تكنولوجيته فهو للموهوبينه فقط ومن يستحق حق الإستحقاق حقاً !.