تعد الهند واحدة من البلدان الأكثر تنوعاً ثقافياً ودينياً في العالم، مع وجود أكثر من مليار نسمة، ويشكل المسلمون والمسيحيون نسبة كبيرة من سكانها. وفقاً لبيانات تعداد السكان الأخيرة التي أجرتها الحكومة الهندية عام 2011، فإن حوالي 2.3% من إجمالي السكان يعتنقون الديانة المسيحية، مما يعادل تقريباً ما يقرب من 24 مليون شخص. هذا الرقم يجعل الهند موطن لأكبر مجتمع مسيحي خارج أوروبا وأمريكا الشمالية.
يتنوع التواجد المسيحي بشكل كبير عبر مختلف الولايات والمدن داخل البلاد. ولاية كيرالا جنوب غرب البلاد هي المنطقة ذات أعلى تركيز للمسيحيين بنسبة تتراوح بين 18٪ إلى 25٪ اعتماداً على المقاطعة، بينما تسجل مدينة دلهي العاصمة المركزية أقل نسبتهم البالغة نحو 1٪ فقط. ومع ذلك، هناك العديد من المدن الأخرى مثل بومباي وكلكتا ومادوراي والتي تشهد أيضاً تجمعات مهمة لمجتمعات مسيحية متنامية.
على الرغم من العدد المتزايد للمؤمنين، تواجه الكنيسة المسيحية في الهند عدة تحديات تتعلق بالحرية الدينية وخطاب الكراهية ضد الأقليات الدينية. وفي السنوات الأخيرة بدأت حوادث الاعتداءات على المباني الدينية والبنية التحتية للخدمات الاجتماعية المرتبطة بها تصاعدت فيما يعرف محلياً باسم "الهندوسة". وعلى الرغم من هذه العقبات، تستمر الجماعات المسيحية في نشر رسالة السلام والتسامح وتعزيز التعليم والتدريب المهني للسكان المحليين بغرض تحسين مستوى المعيشة العام وتعزيز التفاهم الثقافي والديني المتبادل.
وفي المجالات الأكاديمية والعلمانية، يساهم العلمانيون المسيحيون الهنود بشكل كبير في مجموعة متنوعة من القطاعات بما فيها الطب والقانون والأعمال التجارية والأدب وغير ذلك الكثير. كما برز تأثير المشاهير المسيحيين المؤثرين سياسياً وثقافياً، مما أسهم في زيادة التعريف بالتراث والثقافة المسيحية الغنية ضمن النسيج الاجتماعي للهند الفريد والمعقد بالفعل.
بشكل عام، يُظهر مشهد الدين في الهند صورة ملتوية ومتعددة الأوجه لكنها تعكس عمق الروابط التاريخية والجغرافية القائمة بين الديانات المختلفة الموجودة هنا منذ القرون الأولى للإمبراطوريات الإسلامية والمسيحية القديمة مروراً بالعصر الاستعماري الحديث حتى يومنا الحاضر. ومن شأن فهم تاريخ وفلسفة واحتفال المجتمعات الدينية كالكنيسة المسيحية ان يكشف المزيد عن ثراء التجربة البشرية الشاملة في قلب عالم اليوم الديناميكي والسريع التحول المستمر - وهو الأمر الذي يستحق البحث والتقدير بلا شك!