تعتبر محافظة طنطا إحدى المحافظات الرئيسية بمصر والتي تتميز بتاريخ ثقافي غني وحضاري عريق يعود إلى آلاف السنين. تقع هذه المدينة الواقعة شمال البلاد بين القاهرة والإسكندرية، وهي مركز محافظة الغربية. تاريخها يمتد عبر العصور الفرعونية والقبطية والإسلامية مما جعل منها خزانًا ثمينًا للموروث الثقافي المصري الكبير.
في الزمن القديم، كانت مدينة "طنبتي" تتواجد في موقع طنطا الحالي خلال عصر الدولة الوسطى لفرعون مصر سنوسرت الثالث حوالي العام 1874 ق.م. وفي العهد البيزنطي بعد الفتح الإسلامي عام 642 ميلادية، تحولت المنطقة لأحد أهم مراكز التعليم الديني والعلمي في العالم العربي.
ومنذ تلك الفترة وحتى يومنا هذا، استمرت طنطا في الحفاظ على مكانتها كمركز مهم للحياة الاجتماعية والثقافية والدينية. فقد شهدت العديد من الأحداث التاريخية الهامة مثل ثورة أحمد عرابي سنة ١٨٨١ وثورة ١٩١٩ التي قادتها سيدة الثورة العربية الأولى فاطمة رشدي، كما أنها مسقط رأس المناضلين الوطنيين علي أمين ومحمد فريد أبو الحسن وغيرهما الكثير ممن تركوا بصمات واضحة في نضال الشعب المصري ضد الاستعمار البريطاني.
لطنطا دور بارز أيضًا في الفنون الأدبية والفنية؛ فهي مهد الشعر الشعبي وأرض خصبة لشعر المدائح النبوية وللحفلات الطربية الخالدة للأستاذ محمود الشريف والمغني صالح عبد الحي وغيرهم كثير ممن رسموا لوحات موسيقية نابضة بالحياة لم تعد محصورة بجغرافية المكان فقط وإنما امتدت لاستمداد روح الماضي وإرثه الفني العميق.
وعلى الرغم من التحولات الحديثة والتنمية المستمرة في البنية التحتية للمدينة، إلا أنه ما زالت هناك جهود متواصلة لإبراز المواقع الأثرية والحفاظ عليها كالجامع الأموي وكنائس الرومان القديمة وسوق النبي دانيال الشهير الذي يجمع بين تنوع التجارب الروحية والمعاصرة لتكون بذلك رمز دائم للتسامح والتعايش المشترك داخل المجتمع المصري المتعدد الأعراق والأديان.
ختاماً، تعتبر محافظة طنطا أكثر بكثير من مجرد موقع جغرافي؛ إنها شهادة حيّة تعكس مدى تجانس واستدامة بناء هويتنا الوطنية واستمراريتها جيلاً بعد آخر عبر الزمن القريب والبعيد.