تتجلى روعة مدينة فاس في تراثها الحضاري العريق الذي امتزج بسحر الطبيعة والعمارة الإسلامية الرائعة. تعدّ هذه المدينة الواقعة في شمال وسط المغرب مركزاً ثقافياً هاماً منذ قرون مضت، فهي ثاني عواصم البلاد بعد مراكش وعراقتها تكمن في كونها أول عاصمة مغربية رسمية. يُعزى تأسيسها إلى بداية القرن التاسع الميلادي حين استقر بها الأمير Idris I ثم توسعت لتضم الجزء الآخر عند يد ولده Idris II مما جعل منها معكّد عمراني متكامل يشمل ثلاث مناطق رئيسية هي: فاس البالي (الأقدم) ، وفاس الجديد ، بالإضافة إلى المنطقة الحديثة التي فرضتها احتلالات مختلفة. ويشكل موقعها بالقرب من نهر فاس مصدر جمال آخر بإضافة منظراً خلاباً لمنظر طبيعية تغمرها أشعة الشمس الدافئة طوال العام باستثناء فترات الشتاء المعتدلة.
تحظى الآثار التاريخية لفاس بتقدير عالمي كبير لتنوعها وإبداعيتها الفائقة بدءاً من المساجد الشهيرة كـ "القرويين" و"الأندلسيين"، مرورًا بأعمال النحت الجميلة المحاطة بجدران دفاعية قديمة مثل برج القلعة شمالي المدينة والذي يحكي قصة غزو السعديين للمملكة آنذاك قبل أن يستغل حاليًا لعرض مقتنيات نادرة لأسلحتهم التقليدية. ولا تغفل أهميتها التعليمية عبر مؤسسات رائدة كالـ "بوعنانيا" ذات التصميم المدروس دقة والتقنية المتفردة للساعة المائية الداخلية والتي تعتبر الوحيدة من نوعها حول العالم حتى الآن حسب بعض المؤرخين. أما بالنسبة لبقية المواقع الأثرية فسنجد نموذجين مختلفين لكل واحدة منهما: أحدهما مستوحى مباشرة من خصائص العمارة العربية الأصلية كتلك الخاصة بزاوية مولاي إدريس بينما تجسد الأخرى تأثيرات خارجية واضحة كنمط بناء قلعة النجارين المستلهمة بشكل ملحوظ للأسلوب الفارسي الخاص بالعصور الإسلامية المبكرة جدًا عندما سيطر خلفاء الدولة الصفوية عليها سابقًا. أخيراً وليس آخراً، يمكن اعتبار متحف الفنون والحرف اليدوية الواقع داخل قصر "البطحاء" مثال جميل لما حققه الفنانون المغاربة القدامى وما وصل إليه حرفيو اليوم رغم اختلافهما تمام الاختلاف بالمادة المستخدمة لكن تبقى روائع الماضي شاهدا علي حضارات امتزجت بروحانية الإسلام وعظمة الفنون التقليدية الرائجة بين أهل البلد الطيب أهل العلم والدين والجود والكرم.