جزيرة غالاباغوس، الواقعة غرب أمريكا الجنوبية، ليست مجرد جزر بركانية رائعة الشكل فقط، بل هي أيضًا مركز حيوي للحياة البرية المتنوعة والنادرة. وهي تحظى بمكانة خاصة باعتبارها أحد مواقع التراث العالمي نظراً لغناها بالتنوع البيولوجي الفريد. لقد سلطت أبحاث العالم البريطاني تشارلز داروين الضوء عليها، ما أدى لاحقاً لتأليف كتاب "أصل الأنواع" الذي مهد لنظرية التطور.
هذه الجزر الـ 19 الرئيسية والمئات من الشعاب والصخور الصغيرة تزدهر بالحياة البرية المميزة. تعد غالاباغوس موطنًا لأكثر من 80% من أنواع الطيور المحلية و31 نوعًا مختلفًا من السلاحف العملاقة التي يصل وزن بعض أفرادها إلى أكثر من 230 كيلوجرام! وكلمة "غالاباغوس"، بالعربية "سلاحف"، تأتي بالفعل من اسم هذه السلحفاة الضخمة. ولكن ربما الأكثر شهرة بين كل الكائنات هناك هم زواحف الإغواناس البحرية ذات القدرة الرائعة على النطق تحت المياه لمدة نصف ساعة تقريبًا قبل خروجهم لامتصاص أشعة الشمس الحارة.
ومن الجدير بالملاحظة أنه رغم كون غالبية سكان المنطقة جزءًا مما يسميه البعض مجتمعًا "متجانسًا"، فإن تاريخ الجزيرة ينطوي على فترات مختلفة شهدت تدفقات متقطعة لمجموعات بشرية متنوعة عبر القرون المختلفة. فبعد استعمار الإكوادورية لها خلال القرن الثامن عشر الميلادي وبعد استخدام القوات الأمريكيّة للجزر كقاعدة عسكرية وسط الحرب العالمية الثانية، بدأت الحكومة في الإكوادور العمل نحو تنظيم الحياة البرية والحفاظ عليه بموجب قانون الحديقة الوطنية لعام ١٩٥٩ م .
وتقدم الجزر اليوم بيئة مثالية للباحثين والعلميين الذين يسعون لإجراء الدراسات حول تأثير تغير المناخ والتكيف البايولوجي والكثير غيرها الكثير من المواضيع العلمية الأخرى المرتبطة بشكل وثيق بتلك المناطق الطبيعية النائية والمعزولة نسبياً. إنها حقاً كنزا علميًا وعالميًا بارزًا تستحق الزيارة والاستكشاف والاستدامة بحكم موقعها وما تحتويه ضمن حدودها المُحددة جغرافياً وبشرياً بكل دقة ومسؤولية.