تقع مدينة قوص جنوب مصر، وتعد واحدة من أقدم المدن التاريخية في البلاد. تتمتع المدينة بتاريخ طويل ومتنوع يعود إلى عصور ما قبل الإسلام، مما يجعلها مركزاً ثقافياً هاماً ومتميزاً. كانت قوص عبر الزمن نسيجاً متعدد الأعراق والثقافات، مما ساهم في تشكيل هويتها الفريدة.

في العصر الفرعوني، تعتبر قوص جزءاً أساسياً من النوبة القديمة، وهي المنطقة التي امتدت جنوب مصر حتى السودان الحديث. خلال هذا الوقت، ازدهرت فيها الحضارة المصرية بشدة، وبنيت العديد من الأهرامات والمعابد الشهيرة مثل معبد حورس بموقع إدفو القريب. بعد الفتح العربي للمدينة عام 642 ميلادية، أصبحت قوص نقطة وصل رئيسية بين الشمال والجنوب، وازدهر التجارة والصناعة المحلية بشكل ملحوظ.

مع مرور الوقت، تأثرت قوص بالعديد من الحركات الإسلامية والعربية المختلفة. فكانت تحت حكم الدولة الأموية والدولة العباسية والخلفاء الفاطميين والأيوبيين والمماليك وغيرهم الكثير. كل هذه الحقبات التاريخية تركت بصمتها الواضحة على الهندسة المعمارية والتقاليد الاجتماعية للبلدة الصغيرة الجميلة تلك.

اليوم، تعد السياحة مصدر دخل مهم لاقتصاد قوص نظرًا للأثار العديدة المنتشرة حولها والتي تعكس مجداً مضى منذ قرون. تحتوي المدينة أيضًا على مجموعة غنية من الفنون الشعبية والحرف اليدوية التقليدية التي تحافظ عليها الجيل الحالي كجزء حيوي من تراثهما الثقافي الغني. إن زيارة قوص ليست مجرد رحلة إلى الماضي البعيد ولكنها فرصة لتقدير التطور المتواصل للحياة المصرية على مر القرون.