مدينة أصفهان: جوهرة التاريخ والإبداع العمراني بإيران

التعليقات · 0 مشاهدات

تحتضن إيران بين ثناياهما مدينة تاريخية مميزة تحمل الاسم "أصفهان"، والتي تعتبر واحدة من أجمل مدن البلاد. تقع هذه المدينة البديعة جنوب العاصمة الإيرانية

تحتضن إيران بين ثناياهما مدينة تاريخية مميزة تحمل الاسم "أصفهان"، والتي تعتبر واحدة من أجمل مدن البلاد. تقع هذه المدينة البديعة جنوب العاصمة الإيرانية طهران، على نهر زاينده الشهير محليا باسم زاينده رود. تعدّ مساحة أصفهان حوالي 340 كيلومترا مربعًا، ويبلغ تعداد سكانها حوالي ثلاثة ملايين شخص. وقد حظيت بتقدير عالمي باعتبارها موقع تراث ثقافي للإنسانية من قبل اليونسكو نظرًا لغناها الثقافي والتاريخي الفريد والمتمثل في أسواق تجاريّة خلابة يعكس جمال الماضي والحاضر.

ترجع جذور أصفهان العميقة إلى الفتح الإسلامي عام 640 ميلاديًا، مما وضع المنطقة تحت سلسلةٍ طويلة ومتشابكة من الأحداث السياسية والعسكرية النابضة بالحياة. لقد لعبت المدينة دوراً رئيسياً خلال فترة انهيار الدولة الأموية ودخول توسعات الدول المحلية مثل الديلميين - المنقسمين بدورهم إلى فرعين بارزين هما البويهيين والكاكويين – فضلاً عن بوادر قوة جديدة ناشئة حينذاك وهي الدولة السلجوقية. وقد ازدانت أرض أصفهان برموز فخر ورقي معماري ممتدة عبر القرون المتلاحقة؛ فالجوامع والجسور والقصور والشوارع المتعرجة تشكل لوحة تنثر عبق حضارات قديمة معاصرة.

ومن بين أشهر المعالم الموجودة هناك جسري مدينة أصفهان القديمين؛ "جسر شاهرستان" المُقام شرقي المدينة والذي يعود تاريخ إنشاءاته إلى مطلع القرن الرابع الهجري مستوحىً تصاميمه من الهندسة الرومانية وتحيط به عشرات الأعمدة الدفاعية العملاقة لحماية المركبات أثناء الفيضان الموسمي لنهر زاينداخد. أما الجسر الآخر فهو "سي أو سبله" ذو الثلاث والأربعين مدخلا كمصدر إلهام للسفر عبر قرن مضى عندما أمر ببنائه السلطان عباس الأول سنة ١٦٠٢ لعرض مهارات المهندسين المحليين الذين تفوقوا حينئذ بكفاءتهم واستخدام مواد بناء مبتكرة أكثر تطورا منها الرصيف المستقر والدعم الأرضي الآمن للهيكل ككل. ولا يمكن تجاهل حضور قصرَيْ علي قبو وحشت بهيشتي أيضًا وهما خير مثال حي يُظهر روائع الفن المعماري الصفوي العريق رغم اختلاف وظيفة كل منهما إذ خصص الأول لتقديم مراسم الاستقبال الرسمية للدبلوماسيين بينما اختاره الأخير موطنًا جديدًا لشاه جليل سليم خان عقب انتقال السلطة إليه حسب وصايا الجد الأكبر له مؤسس تلك الحقبة المجللة بالإنجازات الملكية إسماعيل الصفوي الحاكم الثالث لسلالة آل صف (١٥٨٧ - ١٥٩8).

هذه الوجهة التنويرية تجمع بين اثنين متناقضتين بصورة مذهلة وتلهم عقولا بالعظمة والجمال؛ فهناك صوت الماء الجارف ونغماته المتواصلة جنباً إلى جنب مع همس الأحجار الهادئ وصفائها غير قابل للفنائين . إنه مشهد يجسد مدى عمق الحضارة والثقافة الإنسانية جمعاء وليس فقط لقاطني منطقة خاصّة مما جعل لها مكانتها الخاصة لدى المؤرخين والسياح حول العالم جميعا!

التعليقات