أوكرانيا، الدولة الأوروبية الواقعة بين الشرق والغرب، تشهد تنوعاً دينياً كبيراً يشمل العديد من الطوائف الدينية. إحدى هذه المجتمعات الدينية المهمة هي الجالية المسلمة التي لها تاريخ طويل ومعقد يعكس العلاقات التاريخية والثقافية مع دول العالم الإسلامي. وفقاً لآخر الدراسات، قدرت نسبة المسلمين في أوكرانيا بحوالي 1% إلى 2% من السكان الإجمالي، مما يجعلها واحدة من أصغر الجاليات الإسلامية في أوروبا.
تاريخياً، وصل الإسلام لأوكرانيا من خلال الفتح العثماني في القرن الخامس عشر والسادس عشر. بعد ذلك، حدثت موجات جديدة من الهجرة الإسلامية مع نهاية الحرب العالمية الثانية عندما لجأ الآلاف من اللاجئين المسلمين إلى البلاد هرباً من الظروف القاسية في مناطق أخرى. بالإضافة إلى هؤلاء اللاجئين، هناك أيضاً عدد كبير من الأشخاص الذين اعتنقوا الدين الإسلامي محلياً نتيجة التعاملات التجارية والاستقرار الاجتماعي.
منذ الاستقلال عن الاتحاد السوفيتي عام 1991، شهدت أوكرانيا تطوراً ملحوظاً فيما يتعلق بحرية الاعتقاد والدين، بما في ذلك بناء المزيد من مساجد ومراكز إسلامية لتلبية احتياجات مجتمعها المتنامي من المسلمين. رغم أنها قد تواجه بعض الضغط الثقافي والإجتماعي كونها دولة غربية ذات أغلبية مسيحية، فإن الحكومة تعترف بالحقوق الدستورية للمجموعات الدينية المختلفة ومن ضمنها المسلمين.
في الوقت الحالي، تتكون الجالية المسلمة بشكل أساسي من التركمان والأتراك والأويغور وغيرهم ممن هاجروا سابقاً من بلدان متنوعة حول العالم الإسلامي. كما يوجد أيضاً عدد متزايد من المحولين حديثا للإسلام داخل البلد نفسه. تلعب الجمعيات والمؤسسات الإسلامية دورا محوريا في تقديم خدمات التعليم والتوجيه الروحي لهذه الفئة المتنوعة.
على الرغم من تحديات دمج المجتمع المسلم مع النسيج الاجتماعي العام للبلاد بسبب الاختلافات اللغوية والثقافية أحياناً، إلا أنه يمكن ملاحظة وجود مستوى معقول من الانفتاح والقبول تجاه هذا الجزء الحيوي والمتميز من المجتمع الأوكراني. إن فهم وتقييم حجم وتطور المجتمع المسلم ليس فقط ذا أهمية ديموغرافية ولكن أيضًا له دور مهم في رسم صورة أكثر شمولية ودقة للتكوين الثقافي والديني لأوكرانيا الحديثة.
