تقع مدينة رابغ، إحدى المدن النابضة بالحياة غرب المملكة العربية السعودية، بين مدينتي جدة ومكة المكرمة على ساحل البحر الأحمر. تتميز هذه المدينة بتاريخ عريق يمتد عبر قرون، فضلاً عن كونها مركزاً هاماً للصناعة والتجارة الحديثة اليوم. يعود اسم "رابغ" إلى العصور الإسلامية المبكرة، حيث كان الموقع استراتيجياً كمحطة تجارية مهمة تربط الشرق بالغرب عبر طرق التجارة البعيدة المدى.
لمحة سريعة عن التاريخ الغني لرابغ تكشف لنا أهميتها الجغرافية والثقافية. كانت ميناءً رئيسياً منذ القدم، مما أدى إلى تنوع ثقافي غني مع مرور الزمن. خلال القرون الوسطى، ازدهرت المدينة باعتبارها محوراً للتبادل التجاري بين الشرق الأوسط وآسيا وأوروبا. وكانت تعد مركزاً مهماً لتجارة الحبوب والأخشاب وغيرها من السلع الاستراتيجية التي يتم نقلها من مختلف مناطق العالم القديم.
في الوقت الحالي، تحتفظ رابغ بمكانتها التجارية كواحدة من أكبر موانئ الشحن في المنطقة، بالإضافة إلى دور بارز في تطوير الصناعة النفطية في المملكة العربية السعودية. وقد شهدت طفرة كبيرة بعد اكتشاف حقول النفط القريبة، والتي غذت نموها الاقتصادي بشكل كبير. اليوم، تضم المدينة مجموعة متنوعة من المنشآت الصناعية الكبيرة والمرافق المتقدمة مثل مصنع تحلية المياه ومجمعات صناعة البتروكيماويات، مما جعل منها أرضاً خصبة للاستثمار والصناعات الداعمة لها.
وتجسد الحياة الثقافية في رابغ الروابط القديمة للمدينة بوسائل المعيشة التقليدية جنباً إلى جنب مع الرؤية المستقبلية الواعدة. لا تزال بعض المناطق المحلية تعكس الطابع البدوي والريف الأصيل للسكان السابقين، بينما تشهد الأحياء الجديدة تطورات سكنية متكاملة الخدمات تتناسب مع الاحتياجات الحديثة لسكان المدينة المتزايدين باستمرار - الذين يستطيعون الآن الوصول بسهولة نسبيًا لمختلف المراكز التعليمية والصحية وفرص الترفيه المختلفة داخل حدود المدينة وخارجها أيضاً.
وبهذا فإن مدينة رابغ تحمل بصمتها الخاصة كمزيج فريد بين الماضي والحاضر؛ فهي تجمع ما بين تراثها القديم وشهادتها على مسيرة التطور السعودي الحديث نحو تحقيق رؤيته الثاقبة لعام ٢٠٣٠ تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود حفظه الله ورعاه.