تقع مدينة عانة، الواقعة في محافظة الأنبار، على الضفة اليمنى لنهر الفرات، على بعد 212 كيلومتراً غرباً من مدينة الرمادي. يعود عمرها إلى آلاف السنين، حيث تشير الأدلة التاريخية إلى أنها كانت مأهولة بالسكان منذ أكثر من 4,200 سنة، مما يصنّفها كواحدة من أقدم المدن المأهولة باستمرار في العالم.
كانت مدينة عانة مركزاً هاماً خلال حقبتي آشور和巴比罗nia، وجاء ذكرها في مخطوطات رسمية لهذه الدويلات القديمة. وفي فترة لاحقة، ذكرت في سجلات مؤرخين يونانيين مثل أميانوس مارسيليانوس وزوميوس. وقد وصف الرحالة الأوروبيون الذين زاروها خلال القرون الوسطى بنيان المدينة المتفرق بين الجانبين الشرقي والغربي للنهر، مشيرين إلى قسم عربي كبير وإلى منطقة ذات دفاعات بحرية شديدة حول الجانب التركي.
يشكل المسلمون السنّة أغلبية السكان حالياً، لكن جذور المدينة تنبع من حضارات الكلدانيين والبابليين القديمة وكذلك المجتمعات اليهودية التي انتقلت عنها في خمسينات القرن العشرين. يُشتهر أهل عانة بطابعهم الدينامي وحبهم للعلم والمعرفة، فتخرج منهم علماء وفنانون وفقهاء بارزون. إن ارتباطهم الوثيق بديانتهم واضح كضوء الشمس عندما يدوي صوت الآذان في شوارع المدينة؛ حيث يتوقف الناس عن كل الأعمال لتأدية الصلاة الجماعية في مساجدهم المكتظة.
من أشهر آثار تلك المدينة التاريخية "منارة جزيرة الباد"، المصنوعة بشكل مميز يشبه المثمن ويتوسط مجموعة بيوت مت作于ة عليها المياه الفيضية للفرات. ويعود هذا الهيكل الرائع إلى القرن الحادي عشر ميلادي تقريباً حسب تقديرات خبراء الآثار المحليين والدوليين. إنها شاهدة حية على التراث الثقافي الغني الذي تزخر به هذه المدينة العزيزة ضمن جغرافيا الشرق الأوسط المعروف بتعدد ثقافاته وتعاقب حضاراته عبر الزمن.