تُعدّ مدينة طبرقة الواقعة في ولاية جندوبة بشمال غرب الجمهورية التونسية إحدى أجمل المدن الساحلية في البلاد، فهي تجمع بين روعة الطبيعة وبريق التاريخ القديم. تمتاز المدينة بموقعها الاستراتيجي على ساحل البحر الأبيض المتوسط وامتداداتها الجبلية الخضراء، مما منحها تسميات متعددة منها "تابراكا" نسبة إلى جذورها البربرية القديمة و"ثابركا"، الاسم الفينيقي لها عند بنائها كمرفأ لصيد سرطان البحر.

تكتسي شوارع المدينة بألوان الباستيل الزاهية، خاصة تلك الملونة بالسقوف الحمراء المصنوعة من الطوب الحراري المعروف بـ"القرميد". يعد هذا التصميم العمراني جزءاً أصيلاً من تراث البلاد، يعكس الطراز التقليدي للمنازل التونسية غير أنه يتميز هنا بإضافة لمسة بحرية مميزة تنفرد بها طبرقة فقط. فالبيوت المحاذية للساحل تُغطى بغصون الأشجار بينما تغفو خلفها بيوت أخرى بيضاء اللون تتناسق مع زرقة المياه المائية حولها وتتماشى بسلاسة مذهلة مع خضرة الجبال المجاورة. إن القدرة الفريدة لهذه المدينة على الجمع بين عناوين سهوب رملية وهضاب صخرية وأنهار ضيقة وغابات كثيفة وطرق جبلية ومتعرجة توفر مشهداً خلاباً يشبه فسيفساء ملونة متداخلة الأشكال والأحجام.

إن موقع طبرقة المتفرد ليس فقط بسبب تضاريسها المتنوعة ولكن أيضًا لأنها تحتضن قلعتها التاريخية الجنوبية التي ترجع لأصول تعود لعصور القرون الوسطى أثناء حكم الحكام العرب للأقطار المغاربية خلال فترة الدولة الموحدية تحديدًا. وعلى الرغم من قدم هيكلها إلا أنها تحافظ اليوم كرمز حضاري حي يحكي قصة الماضي بكل تفاصيله. وفي نفس الوقت تستضيف المدينة مجموعة متنوعة من المهرجانات الثقافية والسياحية السنوية مثل موسم jazz de Tabarka Jazz Festival ومنصة الموسيقى العالمية الأخرى التي تجذب إليها عشاق الفنون والثقافة من جميع انحاء الوطن والعرب والإسلاميين كذلك. ولا ننسى دور مينائها البحري الدولي المؤهل لاستقبال ملايين السياح الذين يأتون خصيصا لرؤية مرجان طبرقة والذي يعد الثاني عالميا بعد كريستال تاور البريطانية شهرتها بهذا المنتج الثمين الخاص بجراث البحر! إذ يغزو سوق التجارة الخارجية لإنتاج حلى ومنسوجات مصنوعة يدويًا باستخدام صدفات اللاميتينورا.

كما تقدم مدينة طبرقة فرصة فريدة للغواصين المهتمين بتسلق أعماق الأعراف البحرية للاستمتاع برؤية حياة بحرية غنية بالأصداف الملونة ونباتات الشعاب المرجانية المنبسطة تحت سطح الماء وسط راحة مشاهدة سمك الراي الكهربائي العملاق وغيرهما الكثير من الأنواع الموجودة بكثرة داخل مياه المنطقة الاقتصادية الخاصة بها. لذلك فإن زيارتك لطبرقة ستتيح لك رؤية طبيعية لا مثيل لهَا وستعود بلحظات سعيدة وذكريات رائعة محفورة مدى الحياة لدى عقلك الباطني والحواس البشرية لديك بلا شك!.