جزيرة بوفيليا: التاريخ المشؤوم والبدايات الفظة لإيطاليا

التعليقات · 1 مشاهدات

جزيرة بوفيليا، الواقعة في قلب بحيرة البندقية شمال إيطاليا، تحمل تاريخًا معقدًا وغامضًا يعكس شظايا من القسوة الإنسانية والتاريخ الأوروبي المضطرب. هذه ا

جزيرة بوفيليا، الواقعة في قلب بحيرة البندقية شمال إيطاليا، تحمل تاريخًا معقدًا وغامضًا يعكس شظايا من القسوة الإنسانية والتاريخ الأوروبي المضطرب. هذه الجزر الصغيرة، رغم جمالها الطبيعي وسحر قلعتها الهادئ، شهدت أحداثًا مروعة ومآسات بشعة تركت بصمة عميقة في ذاكرة المنطقة.

على الرغم من كونها اليوم وجهة جذب سياحية مهجورة، إلا أنها لم تكن دائمًا خالية من الحياة البشرية. يعود أول تسجيل لأهل يحتمون عليها إلى العام 421 ميلادي؛ حين لجأ إليها النازحون الرومان هربًا من الغزاة البربر. ومع مرور الوقت وتزايد النزاعات العسكرية المحلية، تضخم تعداد السكان بشكل كبير قبل أن يتم ترحيلם مرة أخرى بسبب الصراعات داخل الجمهورية البندقية في نهاية القرن الرابع عشر.

كان دور الجزيرة خلال تلك الفترات الزمنية متنوعًا ومتعدد الأوجه: فقد استخدمتها القوات الفرنسية كمحطة دفاع أثناء حملاتها الاستعمارية ضد جمهورية البندقية في القرن الثامن عشر، واستخدمها نابليون لاحقًا لتخزين العتاد والحراب العسكرية بطريقة مماثلة لما فعلته القوات الفرنسية سابقًا.

لكن ربما كانت فترة الطاعون الدبلي الأكثر سوداوية في تاريخ الجزيرة المرير. بدأت قصة هذه الأزمة عندما اتخذت الحكومة الإيطالية إجراءات قاسية للحجر الصحي لمنع تفشي هذا الوباء المدمر عبر البلاد. وكانت نتيجة ذلك إرسال المصابين والميتين -عديمي الحيلة وغير قادرين على مقاومة الموت المؤكد- نحو أماكن منعزل مثل جزيرة بوفاليا ليواجهوا مصيرهم الوحيد بمفردهم بلا رعاية طبية ولا أهل ولا دواء. إن وصف هذه التجربة ليس بالأمر الهين إذ أنها تشكل وصمة عار كبيرة في صفحات التاريخ الطبّي والعلاجي الحديث.

بالإضافة لهذه الحقائق المؤسفة، فإن أساطير الرعب المرتبطة بجزيرات بوفاليا قد غذتها قصص مؤذنة تتحدث عن حالات حرق أشخاص ما زالوا على قيد الحياة بالسجن لدي الحقبة نفسها، وهو الأمر الذي أدخل المزيد من الخوف والفزع لدى العامة وساهم بإعطائها سمعة سيئة لم تستطع تجاوز آثارها لعصور طويلة متلاحقة والتي امتدت حتى وقت إبرام اتفاق سلام باريس سنة ألف وثمانية عشرة وما يليها مباشرةً متضمناً انتقال ملكيتها فعليا لاستخداماتها الأخرى المتنوعة بما فيه بناء منزل للمجانين والقائمين عليه وعلى متنيه آنذاك! ولعل وجود طبيب محسوب هنا أيضا معروف بسلوكاته المنعكسة ظاهريّا بنوعٍ خاص مستخدماً مواطنيه كموضوعات تحت تصرفه للتجارب العلمية الخاصة بنائه لنفس الشيء شعروا به منذ بداية عهد سلطته حتى توقُّفه نهائيَّـا مطلع ستينات الميلاد .

إن القصص والشائعات المحيطة بجزیرة پفللیا توضح لنا جانب مظلم حقیر غیر قابل للنسیان حتی وإن تلاشى أثره بوِرقه ونباتاته الأخضرین یوما ما!

التعليقات