مدينة عمورية هي موقع أثري مهم يقع في منطقة وسط غرب تركيا الحديثة ضمن إقليم الأناضول التاريخي. تعود جذور هذه المدينة إلى الحقبة الهلنستية، لكن تألقها جاء بشكل خاص خلال العصر البيزنطي. تشهد الآثار المكتشفة مؤخرًا التي تتضمن حصونًا وكنائس ومتاحف عديدة غنى حضارتها آنذاك. بالإضافة إلى كنوز متنوعة كالحرير، الزجاج، العملات القديمة، الفخار، المنحوتات والمعروضات الأخرى.
كانت عمورية مركز جذب للإمبراطورية البيزنطية بسبب موقعها الاستراتيجي بالقرب من حدود الدولة الإسلامية أثناء القرنين التاسع والحادي عشر الميلاديين. وفي واحدة من أهم المعارك بتاريخ المنطقة، قام الإمبراطور البيزنطي طوفيل بغزو مدينة ملاطية المتاخمة للحدود الإسلامية، مما جعل الخليفة المعتصم يغادر حملاته ضد الخوارزميين لإعادة تنظيم صفوف جيوشه. قاد قائده الأفذان حايدر بن كاووس فرقة نحو أنقرة بينما قاد الخليفة نفسه مجموعة أخرى لحصار مدينة عمورية لمدة إحدى عشرة يومًا باستخدام المدفعية الثقيلة "المنجنيق" لتدمير دفاعاتها البيزنطية. وبذلك حققت القوات الإسلامية نصرًا ساحقًا وتمكنت من دخول المدينة بعد انهيار مقاومتها البيزنطية الشرسة.
كان هذا الانتصار نقطة تحول بالنسبة للحملة العسكرية العربية والإسلامية نحو الشرق الأوروبي تحت قيادة الخليفة المعتصم الذي اشتهرت بطولاته بشعر أبي تمام وغيره ممن انجذبوا لقوة شخصيته وإنجازاته العظيمة. ورغم عدم نجاح محاولاته لاحقًا للاستيلاء على العاصمة المقدسة للقسطنطينية نظرًا لصعوبتها التشغيلية الهائلة إلا أنه ترك بصمة واضحة عبر سجله الحافل بالأفعال البطولية والنعم العديدة للمسلمين الذين حكم عليهم بزعامته المؤثرة والعزيزة لدى أبناء جلدتهم العرب والمسلمين.