توصف مدينة مطماطة بتونيس بتفردها التاريخي والجغرافي الاستثنائي، فهي ليست مجرد تقاطع حضاري بل تحفة معمارية فريدة في العالم العربي. تقع مطماطة جنوب غرب تونس مباشرةً، تحديدًا ضمن محافظة قابس، وعلى مسافة تقارب 450 كيلومتراً من العاصمة تونس، مما يعكس عزلتها وسحرها الطبيعي. الاسم الأمازيغي الأصلي للمدينة هو "أتوب"، وهو ما يشير إلى أرض الراحة والسعادة، وكأن الطبيعة نفسها قد اختارت هذا الموقع لأهداف رحبة.
نشأة المدينة مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بتاريخ البلاد القديم وبالتحديد بحقب الانتشار الثقافي للأمازيغ. عندما واجهت قبائل الأمازيغ غزوات بنو هلال، اضطروا للهجرة لتجنب الفتنة والحفاظ على تراثهم. وجدت قبائل أتوب ملجأ لهم داخل جبال المنطقة الغادرة والموحشة بناءً على طلب منهم، فأبدعت طريقة حياة مبتكرة ومذهلة حتى اليوم. قامت هذه القبائل بحفر مساكنهم بشكل عميق داخل التكوينات الصخرية المحلية لتحميهم من الظروف الجوية القاسية وحرارة الشمس اللافحة. إن هندسة هذه البيوت تحت سطح الأرض تكشف فهمًا عميقًا لعناصر الطقس وتحقيق شرط الإقامة الباردة وسط الحر الشديد خلال أشهر السنة الأكثر سخونة.
والجدير بالذكر هنا أنه ليس فقط المساكن التقليدية ولكن أيضاً نوع خاص من المباني المعروف باسم "السقائف". تُصنع السقائف بواسطة فتحات متقاطعة ومتداخلة تخلق شبكة انفاق هائلة تمتد عبر الطبقات السفلى للجبال. لقد أصبح نسيج السقائف واحداً من أكثر المناطق إثارة للإعجاب في المطماطي؛ حيث اختفت خلف طبقات التربة والأرضيات الرقيقة الواضحة للغاية بالنسبة للعين البشرية العادية. ومن الأمثلة الشهيرة للسقائف أنها كانت المكان الذي عاش فيه عائلة لوكاس -حسب رواية Star Wars- أثناء تصوير المشاهد الخارجية للفيلم.
ومن الناحية الاقتصادية، تعتمد معظم العمالة في مطماطة أساسياً على الزراعة وصيد الأسماك نظراً لقرب البحر الكبير. لكن في السنوات الأخيرة شهد الاقتصاد المحلي نموًا ملحوظاً بسبب قطاع السياحة المرتفع المستوى الذي جذب الكثير من المهتمين باستكشاف الثقافات المختلفة وعادات الحياة القديمة للشعب الأمازيغي. واستغل البعض الفرصة لاستخدام جمال الدواب مثل الجمال كوسيلة نقل لسائحين فضولييين للاستمتاع بجولات مثيرة حول محيط المدينة الرائع.
تبرز الهندسة المعمارية لمطماطة بمظهر خارجي يبدو كأسطح مرتفعة فوق تل منحني كالوجه القمري بينما يخفي داخله عالم آخر تمام الاختلاف. عند دخول أحياء السقائف الرئيسية ستلاحظ وجود مجموعة متنوعة من الأكواخ والشقق المنفصلة المصنوعة جميعها داخل الطبقات الصخرية المغطاة بطبقة سميكة نسبيًا من التربة والغطاء النباتي الأخضر الممتد نحو الأعلى قليلاً قبل الانضمام مرة أخرى إلى باطن الجبل الرئيسي. يعد قصر جمعه الواقع فوق أعلى نقطة جبلية واحدةٌ بارزةٍ لهذه البنية الدفاعية الدائمة التي توفر مراقبة شاملة لمنطقة مطماطة الداخلية وتمثل رمز قوة وأمان شعبي يوفر رؤيا بانوراميه قدرها 180 درجة لمساحات الصحراء البركانية الواسعه الخالية منها الأشجار والنباتات الصفراء الباهتا اللون والتي تعرض بلا مواربة تأثيرات الرياح الموسمية القاسية على التربه المعدنه السوداء ظاهرة جداً ليراها كل قادم لها ومؤكد بأنه سيترك بصمه مميزة لفترة طويلة جدًا بذاكرة زواره المؤقتة وغير المؤقتة على حد سواء .
وفي حين تبدو مصطلحات مثل الكهوف والفصول البيئية الأخرى مشابهة لما يمكن العثور عليه في مناطق أخرى كثيرة بالعالم أيضًا فإن ماهو فريد حقاً لدى ساكني مطماطه يكمن بالتأكيد في كيفية امتزاجهم بسلاسه مع محيطهم العنيف وغرس حياتهم اليوميه بكل جوانبها عليه وتعزيز دور المجتمع المديني بما ينعكس بدوره بإيجابيه للحفاظ قصدي وعضويه وواقعيه علي تاريخ مجتمع مترابط اجتماعيا واقتصاده وماضي الماضي الزاهر مستقبل مستدام ..