تعد جزيرة تينيريفي، الواقعة بين الأطلسي والمحيط الهندي ضمن الأرخبيل المتوسط لكاناريز الإسبانية، واحداً من الوجهات السياحية الأكثر سحراً وجمالاً في العالم. تتميز الجزيرة بتنوعها الطبيعي الفريد، وتاريخ غني، وثقافة نابضة بالحياة جعلتها وجهة مفضلة للمستكشفين والسائحين منذ قرون. ستكون هذه الرحلة عبر ربوع تينيريفي محطة لنكتشف معاً كنوزها المخفية وأسرار جمالها الأخاذ.
تنيريف هي ثالث أكبر جزر كانتاريا مساحة بعد لانزارو وجران كناريا؛ لكن رغم ذلك فهي تحتل مكانة خاصة بسبب تنوع تضاريسها التي تحوي كل ما يمكن تخيله بدءاً من الشواطئ الرملية البيضاء الناعمة حتى قمم البركان النابضة بالحياة مثل "تي دي لوس كرماكس". هذا التناقض يجعل منها بيئة طبيعية فريدة تجمع بين الرمال السوداء للبراكين والحقول الخضراء الغنية بالنباتات الاستوائية. وعلى الرغم من أنها جزء من إسبانيا إلا إنها تحمل طابعاً خاصاً يعود جذوره لاستعمار العرب لها لفترة طويلة مما ترك بصمة واضحة على لغتها وعادات شعبها المحلي.
بالانتقال نحو العمران والتاريخ، تعد مدينة سان كريستوبال عاصمة الجزيرة ومقر حاكمها ولا تزال تحافظ على طابعها القديم العريق وسط مباني حديثة متداخلة بشكل رائع. كما تستحق زيارة المدينة القديمة سانتا كروز التي تعيد الزائر بزمن مضى وتمنحه فرصة التجول فيما تبقى من سور دفاع قديم وباحاتها الضيقة الرائعة ذات الطراز العربي. أما بالنسبة لعشاق الفن والثقافة فإن دار الأوبرا لا سيوداد ديلا موسيقا تعتبر واحدة من أجمل المباني الحديثة التصميم والتي تقدم عروضا مميزة بالإضافة لكثير من المعارض والمعارض الفنية الأخرى المنتشرة حول العاصمة.
تشتهر تينيريفي أيضاً بسحرها الصاخب ليلاً وذلك بفضل أسواقها الشعبية المفتوحة حتى ساعات متأخرة والتي توفر تجربة لا تُنسى للتفاعل مباشرة مع سكان المنطقة وشراء منتجات يدوية فائقة الجمال كتلك المصنوعة تقليدياً بنسيج الحرير وتزيينات ذهبية مذهبة وغيرها الكثير. وينطبق الأمر نفسه كذلك عند الحديث عن المطاعم المتخصصة بالأكلات التقليدية والأطعمة البحرية المستمدة من مياه الجزيرة الفيروزية العديمة القاع. ويعتبر طبق روباولاو أحد أشهر الوجبات الخاصة بالجزيرة والذي يتم صنعه باستخدام البطاطس والخردل بالإضافة لحساء سمك البوري والمخللات المختلفة لتكوين حساء غني بالتوابل والنكهة الفريدة لمنطقة شمال أفريقيا.
وأخيراً وليس آخراً، فقد لعب موقع تينيريفي الجغرافي دوراً مهماً جداً تاريخيًا واستراتيجيًا نظراً لقربها الشديد من خطوط شحن دولية مهمة تربط أمريكا اللاتينية بإنجلترا وإيطاليا خلال القرن الخامس عشر وما تبعه لاحقًا من اكتشاف طريق جديد يصل الهند شرق آسيا بدون المرور عبر القناة الأفريقية المزدحمة وقتذاك. وقد حدث ذلك نتيجة لتحالف بحارة برتغاليين وهنود هنود أتراك كانوا يعملون جميعهم لدى القائد الشهير جون الثاني ملك البرتغال آنذاك بهدف فتح طرق بحرية جديدة واختصار المسافات البرية الخطيرة المؤدية للهند والصين وغيرهما. وفي الوقت الحالي، تشهد الجزيرة نمو اقتصادي ملحوظ مدفوع بأعداد كبيرة للسياح الذين يأتون للاستمتاع بمواردها الطبيعية الهائلة ونظافتها البيئية المنظمة بدقة وفق قوانين صارمة للحفاظ عليها للأجيال المقبلة. إنه حقاً المكان المثالي لأخذ استراحة هادئة وسريعة مليئة بالمغامرات والإثارة!
