اكتشاف سحر الآثار الرومانية القديمة في جرش الأردنية

التعليقات · 0 مشاهدات

تقع مدينة جرش، الواقعة شمال المملكة الأردنية الهاشمية، ضمن قائمة المواقع الأثرية العالمية التي تعكس روعة الحضارة الإنسانية عبر العصور. تعتبر هذه المدي

تقع مدينة جرش، الواقعة شمال المملكة الأردنية الهاشمية، ضمن قائمة المواقع الأثرية العالمية التي تعكس روعة الحضارة الإنسانية عبر العصور. تعتبر هذه المدينة التاريخية شهادة حية على عظمة الإمبراطورية الرومانية وتأثيرها الثقافي البالغ. يعود تاريخ إنشاء جرش إلى القرن الثالث قبل الميلاد؛ حيث كانت تعرف آنذاك باسم "جيلزوم". خلال فترة حكم الإمبراطورية الهلنستية، ازدهرت كمركز تجاري وثقافي مهم. ومع ذلك، فإن الفترة الأكثر تألقاً لمملكة جرش كانت أثناء الحكم الروماني لها بين العامين 64 ق.م و175 م. وفي هذا السياق، سنستعرض أهم المعالم والمعالم المتبقية من تلك الحقبة الغابرة والتي تشكل اليوم جزءًا أساسيًا من تراث البلاد.

المسرح الروماني الكبير

يعدّ مسرح جرش أحد أشهر معالم الموقع وقد تم بناؤه حوالي عام 200 ميلادي بمواصفات فائقة الجمال وأبعاد هندسية مثيرة للإعجاب؛ إذ يبلغ قطره الخارجي 98 متراً ويضم مقاعد خشبية تستوعب أكثر من خمسة آلاف شخص! يعد تصميمه الهندسي الفريد ومدرجته المكشوفة شاهداً حيًا على قدرة المهندسين القدماء وإبداعهم المعماري. استخدمت المقاعد بشكل رئيسي لعرض الأعمال الدرامية والمآسي اليونانية الشهيرة بالإضافة إلى الاحتفالات العامة الأخرى مثل المناسبات الرياضية وغيرها الكثير مما كان يجذب زوار المنطقة منذ القدم حتى يومنا الحالي.

الكازينو

الكازينو هو مبنى آخر ذو طابع رومانسي قديم يوجد بالقرب من المسرح مباشرةً وهو عبارة عن هيكل صغير شبيه بالبرج مربع الشكل بني أيضًا بغرض الترفيه والتسلية للعامة حيث كانت تقام فيه بعض اللقاءات الاجتماعية والألعاب المختلفة فضلاً عن كونها مكانًا مناسبًا لإقامة المناسبات الخاصة والحفلات الموسيقية التي كانت تزخر بها الحياة الثقافية آنذاك. وعلى الرغم من عدم وجود أدلة دامغة تثبت وظيفته الأصلية بدقة، إلا أنه يحظى بشعبية كبيرة لدى الزائرين باعتباره رمزا للتاريخ المحلي ولحياة الأفراد الذين عاشوا هنا قرونا طويلة مضت.

طريق الكولوسيوم

يطل الطريق المؤدي نحو الجنوب باتجاه منطقة تسمى 'الكولوسيوم' بإطلالة خلابة تؤكد لنا مدى اتساع نطاق العمران والثراء الفني للمدينة آنذك حيث يصل عرضه لأكثر من عشرين مترًا وهو ما يدل بلا شك بأن الطرق الرئيسية داخل المدن الرومانية لم تكن فقط وسيلة اتصال وحركة وإنما أيضا خطوط حضارية تفصل الأحياء والسوق عن المناطق التجارية القريبة منها كما أنها توفر بيئة مناسبة للاستمتاع بنزهة هادئة وسط الطبيعة الجميلة المحيطة بالمكان والذي يستطيع المرء إكتشاف العديد من التفاصيل الخفية عليه الآن ولكن يمكن تخيل جمالياته عندما كانت ممهدة ومحفوظة جيّدًا سابقًا بحبوب الرخام البيضاء الناصعة والتي غطت سطحها حينذاك.

النصب التذكارية الضخمة:

تشهد منحوتاتها العملاقة حب الشعب لأنفسهم واستعدادهم لتقديم تضحيات روحانية وجسدية لتحقيق رفاه عموم الناس وكان المنحوت المهيب لـ"تيراكوتا" إحدى هذه الرموز المثالية للحالة النفسية للأردنيين القدماء وهم ينظرون بحزن شديد تجاه فقداني بعض الأصدقاء والنُخب المجتمعية المهمة لديهم وقتئذٍ وكانت هي الأخرى موضع اهتمام كبير ومدعاة للفخر والفخر المشترك لكل محافظيه بعد مرور مئات الأعوام لاحقا أيضا رغم اختفاء أجزاء منه بسبب عوامل طبيعية مختلفة غير محسوبة.

وفي نهاية المطاف، تبقى آثار جرش تحكي قصة مجيدة لجيران عرب أصليين كانوا يجمع بين الولاء لقيم وطنهم والإخلاص للعقائد والدينات المُعلَنة رسميًا لدولة مادبا الأم وما حولتها فيما بعد الى المركز الثقافي والعلمي الرئيسي بكل الشرق الأدنى لما يقارب الثلاث عقود كامله -كما أثبتت الوثائق المكتشفة حديثًا مؤخرًا-. وبالتالي فهي ليست مجرد معلم ثقافي بارز فحسب بل هي بوابة مفتوحة أمام الجميع لاستعادة روابط الماضي وتعزيز مستقبل مشرق تحت مظلتها الرائعة ذات اللون البرتقالي الغامق جوهريتها الحمراء شعريا .

التعليقات