إيسن، المدينة النابضة بالحياة التي تقع في قلب ولاية شمال الراين-وستفاليا في غرب ألمانيا، هي مثال حي للتطور والتقدم عبر القرون. تمتد هذه المدينة الحديثة والمفعمة بالثقافة على مساحة تقدر بـ 210.32 كم²، وهي موطن لأكثر من 575,000 نسمة الذين يتمتعون بثراء طبيعي فريد ومزيج رائع بين العمارة القديمة والمعاصرة.
يتنوع مناخ إيسن بشكل ملحوظ نتيجة لتأثير البحر الشمالي عليه، حيث يشهد فصل الشتاء اعتداله نسبيًا بينما يأتي الصيف بروحه الباردة المنعشة. يمكن تتبع هذا التأثير مباشرة في مؤشرات مثل المتوسطات الشهرية لدرجة الحرارة وهطول الأمطار؛ إذ يسجل شهر يناير أدنى مستوى بدرجات حرارته عند حوالي °C+2.4 ويتصدر أشهر يوليو وأغسطس قائمة الأشهر الأكثر دفئًا بتسجيل معدل يبلغ °C+18 تقريبًا كل عام.
التاريخ الغني لإيسن محفورٌ في ذاكرتها الثقافية والحضارية منذ القدم ومازلت آثار تلك الحقبة واضحة حتى اليوم. كان لموقعها الاستراتيجي دور كبير في ازدهارها الاقتصادي خاصة أثناء عصر النهضة الصناعية عندما شهدت بناء المناجم وانتشار إنتاج الأسلحة بداية من القرن السابع عشر وحتى القرن الثامن عشر مما جعل منها قوة رائدة بصناعة الحديد والأسلحة في أوروبا آنذاك. ولكن رغم ذلك فقد تعرضت لقصف رهيب خلال الحرب العالمية الثانية أدى لهلاك جزء هائل من بنيتها التحتية وإحداث خسائر بشرية جسيمة بلغت ذروتها بغارتها المدمرة بتاريخ الخامس من آذار/مارس لعام ١٩٤٣ والذي نتجت عنه وفاة نحو ۴۶۱ فرد وطرد عشرات الآلاف من سكانها. وبعد انتهاء الحرب تم توحيد المدينة تحت إدارة قوات الاحتلال البريطانية وتحويل بعض قادة النازية السابقين للتحقيق أمام المحاكم الدولية بسبب جرائمهم الوحشية بحق الجنود البريطانيين وقتلهم لهم خارج القانون الدولي الإنساني.
وللحفاظ على تراثها الثقافي وتقدير تعاقب حضارات عدة وخوض تجربة عبقرية الهندسة المعمارية المختلفة عبر التاريخ، تستضيف إيسن مجموعة متنوعة وملهمة من المعالم الشهيرة. ومن أهم هذه المواقع الدينية التاريخية كنيسة "آيسن" التي تعتبر الآن مقر أسقف إيبارشية شمال راين - وستفاليا، بالإضافة لعظمة التصميم الحديث لصرح جامع التسوق التجاري الضخم "الاتحاد الجمركي الألماني"، وهو أحد الأعمال الرائعة لمدرسة الفنِّ المعماري BAUHAUS وقد صنفته منظمة اليونسكو ضمن ممتلكاتها التراثية العالمية المُهمّة. كذلك تعد الفيلا الفندقية الخاصة ذات الطراز الباروكي وحشد الخدم الخاص بها رمزا آخر للفخامة والسحر التقليدي لهذه الأرض منذ العام ۱۸۷۳ ولحد يومنا هذا بفضل خلود ذكرى آل كروب مؤسسي المشروع وصناع نجاحاته الأولى ونشاطاته التجارية الكبرى. علاوة علي ذلك فإن وجود الأكاديميات التعليمية العريقة ومعاهد البحث العلمي المتخصصة يُسلّط الضوء مجددًا علي اهتمام المدينة الكبير بالإبداع والإنتاج المستدامان واستثمار الذات فيهما مستقبلًا أيضًا بما يحافظ علي تنوع وازدهار الحياة المدنية فيها دائمًا بإذن الله تعالى!