السياسة عبارة عن مجال شامل ومترابط يشكل العمود الفقري للحياة العامة والمجتمع الإنساني. ولذلك، فإن تقديم تعريف جامع لهذه الظاهرة المعقدة أمر تحدي كبير ولكن ضروري لفهم دورها الهام في التشغيل اليومي لدولنا وحكومتنا.
لغةً، "السياسة" تأتي من الكلمة اليونانية 'politikós' والتي تعني "إدارة الشؤون المدنية". اصطلاحياً، يمكن اعتبار السياسة مجموعة من الأفعال والقناعات والإجراءات الجماعية المرتبطة بإدارة شؤون الدولة والسلطة. إنها العملية التي تصوغ الأعراف والتوجيهات التي تحكم سلوك الأفراد والجماعات ضمن مجتمع معين.
وتتنوع السياسات بناءً على السياقات المختلفة؛ فالسياسة الخارجية غالبًا ما تشير إلى العلاقات بين الدول، بينما السياسة المحلية تشير إلى الانشغالات داخل الحدود الوطنية. هناك أيضا السياسة الاقتصادية التي تتعلق بكيفية إدارة موارد الدولة، والسياسة الأمنية المرتبطة بتوفير الأمن والاستقرار الوطني. ثم يأتي النوع الأكثر شيوعا - السياسة الحزبية - والذي يستخدم لإثارة المناقشة حول قضايانا المشتركة والنظر فيها بشكل ديمقراطي قبل تنفيذ القرار النهائي.
من الجدير بالملاحظة أيضاً، الأحزاب السياسية كمكونات مهمة للعملية السياسية. تقوم الأحزاب بتقديم البرامج السياسية والفلسفات الخاصة بهم بهدف الفوز بحسن نية الناخبين وبالتالي الوصول إلى مراكز اتخاذ القرار بالحكومة. وهذه الأحزاب تعتمد عادة على أسس فلسفية واضحة مثل الليبرالية، أو الديمقراطية الاجتماعية، أو حتى الإسلام السياسي حسب البيئة الثقافية للمجتمع.
ثم نصل إلى النظام الديمقراطي كنظام حكم قائم على المشاركة الشعبية في صنع القرار عبر الانتخابات الدورية والشفافة. إنه نظام يعترف بحرية التفكير والتعبير ويضمن حقوق المواطن الأساسية بما يتوافق مع القانون. وفي قلب أي دولة ديمقراطية ثلاث سلطات متوازنة: التشريعية (التي تقنن القواعد)، والتنفيذية (التي تنفذ تلك القواعد) والقضائية (التي تضمن العدالة بالقانون).
وأخيراً، الأيدولوجيات السياسية هي الاعتقاد المركزي للأحزاب السياسية والتي تستند إليها وجهات نظرها تجاه مختلف الأمور الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وغيرها. بعض هذه الأيدولوجيات تشمل الرأسمالية، والاشتراكية، والإسلام السياسي وما إلى ذلك...
وبسبب أهميتها الفائقة، تطورت الدراسات الأكاديمية للنظم السياسية والأحداث الدولية تحت تسمية جديدة هي دراسات العلوم السياسية. هذه التخصصات تقدم التحليل العلمي للتاريخ السياسي الحالي وتستعرض النظريات والمعاملات التاريخية لتحسين الفهم العام للعمليات السياسية المعقدة.
في نهاية المطاف، تعدّ السياسة قوة محركة دائمة تعمل خلف ستار الاجتماع البشري مما يجعلها نقطة التركيز الرئيسية للبحث العلمي والثقافة العامة بين شعوب الأرض المختلفة.