مدينة قرطبة الأندلسية القديمة: تاريخ غني وتراث ثقافي نابض بالحياة

التعليقات · 3 مشاهدات

تعد مدينة قرطبة الواقعة جنوب إسبانيا اليوم واحدة من أجمل المدن وأكثرها سحرًا في شبه الجزيرة الإيبيرية. ولكن ما يجعل هذه المدينة متفردة هو التاريخ العر

تعد مدينة قرطبة الواقعة جنوب إسبانيا اليوم واحدة من أجمل المدن وأكثرها سحرًا في شبه الجزيرة الإيبيرية. ولكن ما يجعل هذه المدينة متفردة هو التاريخ العريق الذي تحمله بين أحجارها والتي تعود إلى عصور مختلفة مثل الفتح الإسلامي للأندلس وصولاً إلى عصر النهضة الأوروبية. ستنقلنا رحلتنا عبر الزمن لتستكشف جوهر قرطبة الحقيقي والمعالم الثقافية التي تشكل جزءًا لا يتجزأ منها.

كانت قرطبة منذ القدم مركزًا حيويًا للحفاظ على المعرفة والثقافة خلال فترة الحكم الإسلامي، خاصةً تحت حكم الخليفة عبد الرحمن الداخل. لقد ازدهرت فيها الفنون والأدب والعلم بشكل كبير مما جعلها "عاصمة العلم" كما وصفها المؤرخون آنذاك. يعد مسجد قرطبة الكبير أحد أهم معالم المدينة وهو شاهد حي على تلك الحقبة الذهبية من تاريخ المدينة. تم بناؤه عام 784 ميلادي واستمر توسعه حتى القرن الثالث عشر الميلادي ليصبح واحدًا من أكبر المساجد في العالم حينئذٍ، قبل تحويله فيما بعد إلى كاتدرائية عندما انتقلت المنطقة تحت السيطرة المسيحية. اليوم، يشهد هذا الموقع التاريخي العديد من زوار القرون المختلفة الذين يأتون للاستمتاع بإبداع الهندسة الإسلامية والتاريخ الغني للمكان.

بالإضافة لمسجد الكاتدرائية، يوجد معرض المتحف الأثري الوطني للفن القديم والمسيحي والذي يحتوي على مجموعة رائعة من اللوحات الفسيفساء والنحت الروماني والإسلامي بالإضافة لقطع فنية فخارية متنوعة يعود بعضها لعصر الفينيقيين والفراعنة المصريين أيضًا! إن زيارة متحف الأنثروبولوجيا يقدم نظرة ثاقبة حول حياة سكان منطقة الباييز التقليدية بطريقة مبسطة ومتفاعلة للغاية. أما بالنسبة لأولئك المهتمين بالتاريخ الطبيعي، فإن حديقة النباتات الملكية تضم أكثر من ثلاثة آلاف نوع مختلف من الأشجار والنباتات النادرة والمهددة بالانقراض جنباً إلى جنب مع مجموعة كبيرة من الحيوانات المحلية المتماثلة لها بيئياً.

وفي الجهة الشرقية من نهر الوادي الكبير يمكن العثور على القلعة الحمراء الشهيرة المرتبطة بشكل وثيق بالحاكم الناصري محمد بن الأحمر مؤسس الدولة الناصرية. تتمتع هذه القلعة بموقع استراتيجي رائع وتوفر مشهداً بانورامياً خلابا لمنظر وادي أش من الأعلى. علاوةَ على ذلك، تعدّ قلعة سانتا ماريا دي الكاستيلار نقطة جذب أخرى تستحق المشاهدة لما تمتلكهُ مِن تاريخ طويل وكانت مقر ملك إسبانيا للفترة ما بين العام ١٣٢٩ ومقتل ألفونسو XI هناك ذبحاً برأسه وخنجره المشهوران "إِلاْ بِالطَّاغِيَّة".

وأخيراً وليس آخرًا، تقدم الأحياء الشعبية مثل سامورا وكامبو ديل كاستليتو فرصة فريدة لاستشعار روح القرينة الأصلية أثناء التجول وسط الشوارع الضيقة والكثير من المقاهي الصغيرة وصالات عرض الأعمال اليدوية المنتشرة بكثرة بها وبجوارها أسواق محلية تعرض منتجات غذائية وطعام تقليدي شهير يعكس تنوع الثقافات الموجودة داخل مساحة صغيرة مليئة بالألوان والصخب المفعمة بالإثارة والحياة اليومية المُفعمة بالموسيقى والحفلات الترفيهيه المحلية التي تخطف القلب عند زيارتها والاستماع إليها مباشرة . كل ذلك وغيره الكثير ينتظركم في قلب مدينة قرطبة بكل مجدها وابتهاجها وتاريخ ممتزجة فيه جميع العقائد والدول المتعاقبة عليها وعلى شعوب أقاليم البحر الابيض المتوسط عامةً ومنطقة اندلس غرب شمال أفريقيا تحديدًا.

التعليقات