مفهوم السلطة في الفلسفة: منظوران متناقضان لهوبز وفوكو

التعليقات · 0 مشاهدات

في سياق فلسفة السلطة، ينظر توماس هوبز وتوماس فوكو إلى هذا المفهوم بزوايا مختلفة تمامًا. يُعد هوبز أحد المؤيدين البارزين للسلطة المطلقة التي تتجسد في ش

في سياق فلسفة السلطة، ينظر توماس هوبز وتوماس فوكو إلى هذا المفهوم بزوايا مختلفة تمامًا. يُعد هوبز أحد المؤيدين البارزين للسلطة المطلقة التي تتجسد في شخصية الملك الأوتوقراطي. وفقًا له، فإن هذه السلطة مطلقة وغير مقيدة بميثاق قانوني أو مسؤوليات تجاه رعاياه. وبالتالي، يمكن للملك اتخاذ القرارات والإجراءات بغض النظر عن مدى تجاوزاتها.

على الجانب الآخر، يتميز ميشيل فوكو برؤية أكثر شمولية ودقة للسلطة. بالنسبة لفوكو، ليست السلطة مجرد صراع أو قمع، ولكنها أيضًا آلية لإنتاج ومعرفة وثقافة. فهي تمتد لتشمل المؤسسات والأشياء والعلاقات الاجتماعية بالإضافة إلى الأشخاص مباشرةً. يعرض فوكو تصورًا جديدًا للعنف المرتبط بالسلطة؛ فهو ليس فقط جسديًا ولكنه يمكن أن يأخذ أشكالًا رمزية مثل الخطاب السياسي والممارسات الثقافية التي تخضع الشعوب بشكل غير مباشر للحكم والنظام العام رغم عدم استخدام القوة الجسدية التقليدية.

ومن الجدير بالذكر أنه بينما لدى البعض قدرة هائلة على فرض إرادتهم بالقوة -كما هو الحال مع المجرمين مثلاً- إلا أنها غالبًا ما تفشل في تحقيق السلطة الدائمة بسبب افتقارها للتأييد الاجتماعي والدعم القانوني. وفي المقابل، يستطيع رجال الدين والحكام ذوو النفوذ العظيم تأمين سلطتهم بناءً على اعتراف المجتمع واحترام القانون. وهذا يعني وجود فرق كبير بين امتلاك "القوة" وما يترتب عليها من احتكار للإرادة المنفردة مقابل الحصول على "السلطة" الشرعية والمقبولة اجتماعياً نتيجة احترام القانون والاستجابة لرغبات الشعب تحت مظلة الدولة المدنية الراسخة.

التعليقات