تعدّ مدينة تبوك الواقعة في الجزء الشمالي الغربي من المملكة العربية السعودية واحداً من أهم المواقع التاريخية والتجارية الاستراتيجية في شبه الجزيرة العربية منذ آلاف السنين. تُظهر الاكتشافات الأثرية اتصالات عميقة بتاريخ المنطقة القديم، بما في ذلك حضارات الأنباط والآراميين القديمة. تلعب هذه المدينة دوراً محورياً في التواصل بين مناطق مختلفة، بدءاً من كونها طريقاً رئيسياً لحجيج الوجهتين المقدستين بمكة المكرمة والمدينة المنورة، مرورًا بموقعها الحيوي عند تقاطعات طرق التجارة الرئيسية.
معروفة بتنوّع بيئة أراضيها المناخية والجغرافية، تتميز تبوك بمزيج جذاب يجمع بين المناظر الطبيعية الخلابة والتاريخ العريق والحياة الحديثة النابضة بالحياة. تشكل طبيعتها الصحراوية المشرفة ارتفاعاتها البركانية إضافة لوجود الوادي الكبير "وادي العقيق"، مصدراً أساسياً لغذاء المجتمع المحلي ومصدر رزق لسكانها. هذا بالإضافة لمساهمته الكبيرة في تنمية الزراعة المحلية ومنح الحياة لنظام اقتصادي متوازن ومتعدد الجوانب.
على مر العصور، شهدت تبوك حكم مختلف الإمبراطوريات والدويلات الإسلامية. خلال القرن الخامس عشر الميلادي، جاء دور الدولة العثمانية والتي تركت بصمة واضحة حتى نهاية الحكم العثماني لمنطقة الحجاز وما حولها. وفي الوقت الحالي، تعدّ جزءاً هاماً ضمن بنيان المملكة العربية السعودية الحديثة.
تشمل معالمها الثقافية الهامة قلعة تبوك الشهيرة والتي تعكس تراثها الدفاعي المتمثل بصمود حصونها ضد الغزوات الخارجية. أما بالنسبة لمواقع السياحة التقليدية فتضم متحف "بيت سلطان"، وهو مبنى يعود لأوائل القرن العشرين ويقدم نظرة شاملة على حياة أهل المنطقة آنذاك وكيف عاشوها. علاوة على ذلك، فإن محمية القنفذة الوطنية تعتبر وجهة مثالية لعشاق الطبيعة والمراقبة البيئية نظرًا لتنوع حيواناتها النباتات الخاصة بها.
باسـتمرار عرض ثقافتها وإرث مدنيتها أمام الجمهور العالمي، توفر مدينة تبوك جرعة صحراوية نابضة للحاضر بينما تحتفظ بذكريات الماضي الثمين لكلا المستكشفين والسائحين الراغبين باستكشاف العمق الجذري للشعب السعودي وتراثه المدني الفريد الممتد للأحقاب الأولى للإنسانية.
