تعد مدينة تيمقاد، الواقعة في ولاية باتنة بشرق الجزائر، تحفة فنية معمارية وروحية تعكس حضارة وثراء الحضارة الرومانية القديمة. بنيت هذه المدينة الرائعة منذ أكثر من ألف عام وأصبحت اليوم رمزًا حيًا لتاريخ وحضارة عريقة. تم تصنيفها كموقع تراثي عالمي لما تحتويه من نماذج فريدة لمباني وساحات عامة محفوظة حتى يومنا هذا. تعد تيمقاد مثالًا مبهرًا لمدن العصور القديمة بما فيها مخططاتها الدقيقة ومرافقها الملونة.
تصميم تيمقاد الهندسي مميز للغاية حيث تتبع خطوط شبكة الشطرنج التقليدية. تقسم طرقان أساسيان المدينة إلى أربع مناطق مكعبة كل منها يبلغ طول ضلعها نحو عشرين مترًا. كانت تلك المساحات الصغيرة مصممة أصلاً لاستيعاب المباني السكنية والعائلية. ومع ازدياد تعداد سكان المنطقة خلال القرن الثاني الميلادي، توسعت الحدود الخارجية للمدينة وتم تطوير أحياء جديدة خصوصًا تجاه الجانب الشرقي منها. ومنظر المدينة الأخاذ الذي امتدت فيه الفنون الجميلة والنظام العمراني المتقدم منحها لقباً خاصًا "ممباي نوميديا".
غير شكْ، فإن السياحة العلاجية والتأمّلَ في مواقع المدينة التاريخية يعد تجربة مثيرة وتعليمية للزائرين الباحثين عن معرفة تاريخية وتفاعلاً مباشراً معه. تشتهر منطقة آثار تيمقاد بسدها الشهير "سد كدية مداور" وهو شاهد حَيٌّ على حياة وآثار الأمجاد الرومانية السابقة. وما يحيط بذلك السد يستحق التأمل مليًّا إذ يوجد سوق قديم ومختلف أنواع الخدمات مثل الحمَّامات والمنتزهات والأماكن الترفيهية الأخرى المحاصرة بين الجداريات الرخامية والمعمار الفريد للأعرش والقاعات الكبرى وكذلك المعابد المسيحية الأولى المكتشفة حديثاً بالموقع. إضافة لذلك هنالك بناء أثري غاية في الخصوصية ويتمثل برج الساعة الشمسية المثبت وسط الميدان المركزي والذي استعمل تحديد مواقيت النهار بالأيام المشمسة وفق نظام بسيط يقوم على مراقبة ظلال الأشجار المرتبطة بدوران الأرض حول محورها. كذلك فقد وجدت مكتبة كبيرة تضم عدة صفوف كتب متنوعة المؤلفات وكانت الثانية فقط بعد مكتبه القسنطينة نفسها بفترة قصيرة نسبياً. غالبية ساكني المكان هم أهل البلوش الذين اعتادوا ممارسة أعمالهم اليومية المعتمدة اساسا على الزراعة والمزارع المنتشرة بكثافة داخل حدود المدينة وخارجها أيضا .