السياسة ليست مجرد لعبة المصالح والصراع، بل هي منهج حياة يشكل مجرى المجتمعات البشرية ويزودها بالإرشادات حول كيفية التعامل مع القوة والسلطة والموارد. إنها تعني ببساطة تأثير الأفراد والمجموعات على صنع القرار وتحديد مستقبل مجتمعهم.
لغةً وتعريفاً اصطلاحياً، تشير "السياسة" إلى الدراسة النظرية والممارسة العملية لتوزيع السلطة واتخاذ القرار ضمن مجموعات اجتماعية معينة. ليس فقط أنها مجال أكاديمي يتم تدريسه في جامعات متعددة في جميع أنحاء العالم، ولكن أيضًا جزء حيوي من الحياة اليومية التي تؤثر على الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والرياضية وغيرها. ينطلق النظام السياسي كأساس لوضع القواعد والأطر التي تحكم البيئة السياسية الخاصة بكل بلد.
تاريخياً، كانت للفلسفة السياسية جذور عميقة بدءاً بفلاسفة قدماء مثل أفلاطون وأرسطو حتى الوقت الحالي. وقد طوروا نماذج مختلفة للحكم منها الأرستقراطية والديمقراطية والاستبداد والنظام الجمهوري وفق تصنيف أرسطو الشهير. أما الآن، فإن معظم البلدان لديها هياكل سياسية متنوعة وخاضعة لأنظمة دستورية سواء المكتوبة أو الغير رسمية. تتمثل مهمة هذه الدساتير الرئيسية في توضيح تقسيم السلطات وضمان عدم تنازع الاختصاصات بين القطاع العام والفدرالي. بالإضافة إلى ذلك، تلعب المحاكم دور الرقيب الأعلى للتأكد من تطبيق الحقوق الدستورية وبنية القانون.
ومع توسع نطاق التأثير السياسي خارج الحدود الوطنية، برزت أهمية السياسة الدولية التي تربط بين المسارات المتشابكة للقوة الاجتماعية والنزاعات العالمية عبر التاريخ الحديث. فقد شكل نهاية الحرب الباردة وانشقاق الاتحاد السوفيتي نقطة فاصلة رئيسية أدت لإعادة رسم خرائط النفوذ العالمي بعد بروز فكرة "النظام الدولي الجديد". وفي مواجهة العنف الشامل وانتشار الضرر الناجم عنه -مثل الاستخدام الأول للأسلحة النووية عام ١٩٤٥- تم إنشاء المنظمة الأممية بهدف منع اندلاع المزيد من الصدامات العنيفة واحتضان التفاوضات لحل الخلافات المستمرة لصالح الأمن والسلم الدوليين وفق منظور أممي موحد.
ومن الآفات المدمرة للنظام السليم للسياسة يأتي ظاهرة الفساد السياسي الذي يعكس استغلال المناصب العامة لتحقيق أغراض شخصية ضيقة بطرق ملتوية وغير أخلاقية غالبًا. ويتخذ هذا النوع من الظواهر أشكال متنوعة بحسب السياقات المختلفة بما فيها رشوة وإخفاء معلومات وإساءة استخدام المال العام وتمكين الأقارب المقربين من الوظائف الهامة بدون أهلية مؤهلة لهم. وهذه الممارسات تضفي الشرعية المحدودة لها حسب المكان والجهات الرسمية والقانون الواجب التطبيق والذي يمكن تعديله بالتبعية لهدف تغيير الوضع الراهن نحو الأحسن أو الأسوأ بناءً على توازن المصالح الداخلية والخارجية لكل نظام حكم خاص.