تعد مدينة درعا الواقعة جنوب سوريا واحدة من أقدم المدن التاريخية في البلاد، وقد لعبت دوراً محورياً عبر العصور المختلفة. يعود تاريخها إلى آلاف السنين، مما يجعلها ثرية بتاريخ غني وتراث ثقافي متنوع. يساهم هذا الماضي المشرف بشكل كبير في تشكيل هويتها الحالية وسماتها السكانية الفريدة.
وفقاً لبيانات تعداد عام ٢٠٠٤ الصادر عن الجهاز المركزي للإحصاء السوري، بلغ إجمالي عدد سكان محافظة درعا آنذاك حوالي ١,٢ مليون نسمة تقريباً. ومع ذلك، فقد شهدت المنطقة تغيرات كبيرة خلال السنوات الأخيرة بسبب الصراعات الداخلية التي أثرت بشدة على بنية المجتمع المحلي وسكان المدينة الأصلين الذين اضطروا للنزوح نتيجة لذلك.
بالنظر لأحدث التقديرات المتاحة حتى نهاية عام ٢٠٢١، تقدّر الهيئة العامة للاستعلامات المصرية تعداد سكان مدينة درعا بما يقارب الخمسمائة ألف فرد فقط وذلك بعد نزوح الآلاف من المواطنين المدنيين خارج حدود المحافظة بحثا عن الأمان والحماية. وعلى الرغم من هذه الظروف القاسية، فإن النسيج الاجتماعي للمدينة يشير إلى مجتمع متماسك ملتزم بتقاليده الثقافية الغنية، وهو ما يمكن مشاهدته بوضوح في الاحتفالات والمهرجانات التقليدية المنتشرة طوال العام والتي تعكس روح المثابرة والإصرار لدى أهل المنطقة رغم كل المصاعب التي مرّوا بها مؤخراً.
كما تجدر الإشارة أيضًا إلى الدور الحيوي الذي لعبه قطاع الأعمال والصناعات الصغيرة داخل مدينة درعا قبل فترة الاحتجاجات الشعبية المندلعة منذ العام ٢٠١١ وما ترتب عليه لاحقا من تدخل عسكري ودخول قوات خارجية للأراضي السورية. وكان لهذه القطاعات الاقتصادية تأثير مباشر ليس فقط على الوضع الاقتصادي لموفرة بل أيضاً على التركيب العمري وعوامل أخرى مرتبطة بالسكان مثل معدلات التعليم ومشاركة المرأة في سوق العمل وغيرها الكثير ممّا يستحق الاستعراض بمزيدٍ من التفاصيل لفهم الصورة الشاملة للسكان واتجاه تغييرات التركيبة العمرية لهم مستقبلاً انطلاقا من معطيات حاضر اليوم واستنادا لتوقعات المستقبل استنادا لما سبقت ذكره سابقآ .
وبالتالي، يتضح لنا مدى أهمية فهم ديناميكيات التغير السكاني ضمن سياقات تاريخية وثقافية واجتماعية شاملة عند محاولة رسم خارطة طريق نحو نهضة اقتصادية واجتماعية مستدامة تستعيد قدرات المدينة النائمة حاليا وتعزز دورها كمركز حضاري مهم في المشهد العربي الكبير مجددًا بإذن الله عز وجل -آمين-.