تطوان، المعروفة أيضًا باسم "الحمامة البيضاء"، هي مدينة مغربية ساحرة تقع في منطقة الريف الكبير على امتداد ساحل البحر الأبيض المتوسط. تشتهر بتراثها التاريخي العميق والمباني ذات الطراز الأندلسي المحافظ عليها بإتقان، مما يعكس تأثير الحضارة الأندلسية الثري على ثقافتها. تتمتع تطوان بموقع استراتيجي فريد بين جبال الريف المرتفعة وجبال درسة القريبة، ما جعل منها نقطة اتصال مهمة، ليس فقط داخل المغرب ولكن أيضًا بين شمال أفريقيا وأوروبا.
تاريخيًا، تعددت الحقبات الزمنية لتطوان بدءًا من الآثار الرومانية التي تعود إلى القرن الثالث قبل الميلاد والتي تم اكتشافها في الجزء الغربي من المدينة. هذه الآثار تحمل اسم "تمودة" وهي شهادة حية على وجود حضارة رومانية مزدهرة هنا. ومع ذلك، تعرضت هذه المدينة لهجوم مدمر حوالي سنة أربعين ميلادية بسبب أعمال التمرد المحلية. برغم الدمار، قام الرومان بالإبقاء على تصاميم أسوار المدينة الأصلية حتى الآن. أما الاسم الحالي للمدينة - تطوان - فهو مستمد من فترة لاحقة بشكل كبير حسب الوثائق التاريخية المتاحة لنا.
في القرون الوسطى، جسد الملك الإسباني هنري الثالث شخصية بارزة في قصة تطوان عندما أعاد بناء المدينة كنقطة انطلاق محتملة لحملة لاستعادة سبتة. ولكن، ولسوء الحظ، أدت الحرب العنيفة ضد القوات البرتغالية والإسبانية إلى هدم معظم المدينة مرة أخرى في العام 1399م.
مع بداية القرن الخامس عشر، شهدت تطوان إعادة نهضة مذهلة نتيجة مجموعة كبيرة من الهجرة العربية والإسلامية واليهودية قادمة من الأندلس عقب سقوط غرناطة الأخيرة تحت سيطرة الممالك المسيحية في إسبانيا. لقد شكل هؤلاء النازحون العمود الفقري لموجة جديدة من الازدهار والثراء الثقافي الذي ملأ ربوع المدينة. بصفته زعيم لهذه الحركة الجديدة، أصبح سيد علي المنظر معروفًا بلقب "ملك تطوان".
خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر ميلاديين، لعبت تطوان دورًا حيويًا باعتبارها قاعدة دفاع رئيسية ضد الغزو الأوروبي المستمر آنذاك. وقد وضع الجيش المغربي العديد من المواقع العسكرية والحصون حولها للدفاع عنها بكفاءة عالية. علاوة على ذلك، عزز موقع المدينة الاستراتيجي تجارتها الخارجية مع مختلف البلدان الأوروبية؛ فأصبحت مركزا مهما للتبادل التجاري البحري خاصة بين المغرب والدول مثل الجزائرز و جبل طارق و ليفرنو و مارسيليا.
إن تاريخ وتراث وتحديات وحكايا هذه المدينة الرائعة يجعلها وجهة مثيرة لكل الراغبين باستكشاف جوهر التاريخ المغربي الفريد وسحر الشرق الأوسط التقليدي وسط الطبيعة الخلابة لجبال الربيع المطلة عليها مباشرة وعلى فنار بحرها الصرح جرئ يشع نورا ودفئا لكافة القادمين إليها بكل حب واحتفاء .