تقع محافظة البحيرة، الواقعة شمال غرب دلتا النيل بمصر، لتكون إحدى أهم المحافظات المصرية من الناحية التاريخية والاستراتيجية. تتميز هذه المنطقة بطابعها الريفي المتنوع ومساحاتها الخضراء الشاسعة التي جعلتها مركزاً رئيسياً للزراعة في البلاد. بالإضافة إلى ذلك، تحتفي البحيرة بتراث ثقافي غني يعكس تاريخها العريق ومكانتها الفريدة في قلب الحياة المصرية العامة.
مع وجود أكثر من خمسة ملايين نسمة وفق إحصائيات عام ٢٠٢١، تعدّ البحيرة ثالث أكبر محافظات مصر كثافة سكانية بعد القاهرة والجيزة. تتألف المحافظة من عدة مدن رئيسية تشمل مدينة دمنهور عاصمة المحافظة، وكفر الدوار، ودمنهور الجديدة، ورشيد وغيرها الكثير. لكل مدينة طابع خاص بها يبرز جمال تنوع الثقافات والعادات والتقاليد الموجودة داخل نفوذ محافظة البحيرة الواسع.
تاريخياً، كانت منطقة البحيرة جزءاً حيوياً من الحضارة الفرعونية القديمة بحكم موقعها الاستراتيجي القريب من نهر النيل والمشروع الزراعي الضخم الذي كان يديره المصريون القدماء منذ آلاف السنين. وقد حافظ سكان البحيرة حتى اليوم على بعض ممارسات الأجداد مثل الاحتفالات التقليدية والحرف اليدوية المرتبطة بالزراعة والمجتمعات الصغيرة المنتشرة حول خليج أبو قير والبحر المتوسط مباشرةً.
ومن أشهر معالمها الطبيعية بحيرة إدكو والتي تعود تسميتها لموقعها الجغرافي بالقرب من تل ادكو الشهير الذي يعد واحداً من المواقع الأثرية البارزة في المحافظة. كما يوجد العديد من المساجد والقلاع الإسلامية التاريخية التي تروي قصص الفتوحات والدفاع ضد الحملات الصليبية عبر القرون الماضية. وبفضل توافر موارد المياه وفورة التربة الخصبة، ظلت زراعة الشعير والقمح والفول أحد الأعمدة الأساسية للاقتصاد المحلي رغم دخول مواد غذائية جديدة إلى السوق خلال العقود الأخيرة بسبب زيادة التنويع الاقتصادي وتطور التجارة الداخلية والخارجية.
وفي الوقت الحالي وبعد مرور سنوات طويلة منذ نشأة الدولة الحديثة، برز دور الشباب بشكل ملحوظ في دعم جهود النهضة العمرانية واستعادة رونق الفنون الشعبية والمعارض الفنية المختلفة. فقد أثبت أبناء محافظة البحيرة قدرتهم ليس فقط على المنافسة بل أيضاً التفوق في مختلف المجالات بما فيها التعليم والصحة والسياحة وزيارة الآثار التاريخية المنتشرة هنا وهناك ليلمسوا بأنفسهم مدى عمق جذور حضارتنا التليدين. وفي النهاية فإن لنا جميعاً حق الاعتزاز بتاريخ هذا المكان الرائع وما يحمله المستقبل لهؤلاء الذين يمثلونه الآن وفي المستقبل القريب بإذن الله تعالى.