تعد مدينة تيبازة الواقعة شمال غرب الجزائر العاصمة واحدة من أجمل المدن الساحلية وأكثرها حيوية بتاريخ غني يعود جذوره إلى العصور القديمة. تمتلك هذه المدينة موقعاً استراتيجياً بين البحر المتوسط وجبال محدقة بها، مما جعل منها مركزاً تجارياً وثقافياً مهماً عبر التاريخ.
نشأت تيبازة منذ عهد الفينيقيين الذين أسسوا مستعمرة صغيرة هناك حول القرن الثامن قبل الميلاد. ثم اتبعت المستوطنة توسعات كبيرة تحت حكم الرومان الذين سماها "إيفيرا"، والتي تعني "الخصبة". خلال فترة الحكم البيزنطي, تحولت إيفيرا إلى ميناء هام لتجارة الملح والتوابل.
بعد ذلك, شهدت المدينة فترات ازدهار وانهيار متلاحقة مع تغير الأنظمة السياسية المحلية والعالمية. فقد كانت تحت سيطرة العرب المسلمين لفترة طويلة حتى دخلت تحت نفوذ الاسبان والإسبان مرة أخرى عبر القرون الوسطى. لكن أهميتها التجارية والثقافية لم تتوقف أبداً.
مع بداية الاستعمار الفرنسي للجزائر, أصبح لـ"تيبيزا" كما كانوا يطلقون عليها آنذاك دوراً بارزاً كمركز لجذب المستوطنين الأوروبيين نظراً لقربها الشاطئي ومناخها المعتدل مقارنة بالداخل المغربي الصحراوي القاسي. وبالتالي زادت الحركة الاقتصادية والسكان بشكل ملحوظ مكونة بذلك طابعاً ثقافياً مختلطاً خليطا فريدا بين الشرق والغرب.
اليوم, تعد تيبازة وجهة سياحية رئيسية تشتهر بشواطئها الجميلة وآثارها التاريخية مثل قلعة سانت كاترين التي بنيت عام 1792 للدفاع ضد الغزاة البربر. بالإضافة لذلك يوجد فيها المسجد الكبير الضخم والمكتبة الوطنية الجزائريه التي تضم العديد من الكتب النادرة والمعرفة القديمة حول المنطقة.
إن زيارة تيبازة ليست فقط رحلة لاستكشاف الماضي البعيد وإنما أيضا فرصة للتواصل مع حاضر نابض مليء بالحياة والحركة وسط تناغم جميل للمحيطات والأرض والبشر. إنها شهادة حقيقية لقوة الفن البشري وإبداعاته الخالدة عبر الزمن.