مدينة وجدة، الواقعة في شمال شرق المملكة المغربية، هي قطعة فنية تجمع بين روعة الهندسة المعمارية التقليدية ومتطلبات الحداثة. يعود الفضل في تأسيس هذه المدينة النابضة بالحياة إلى الزعيم المغراوي زيزي بن عطية في العام 994 ميلادية، مما يعكس عمق تراثها الثقافي القديم. تمتد أراضي المدينة على مساحة ثلاثة آلاف وأربعمائة هكتار، وهي موطن لأحياء متنوعة بما فيها حي كلوش، وحي لازاري، وحي المحلة، وغيرها.
اقتصاد المدينة متعدد الأوجه. فالقطاع التجاري يلعب دوراً أساسياً بسبب موقعها الإستراتيجي كمحطة رئيسية للقوافل التجارية الرابطة بين الجزائر ومختلف مناطق المغرب. بالإضافة إلى ذلك، يشهد القطاع الصناعي ازدهاراً مع وجود منطقة صناعية كبيرة تم تطويرها خلال فترة السبعينيات والثمانينيات من القرن المنصرم. أما بالنسبة للسياحة، فتُعد وجدة وجهة جذابة لكل محبي التعرف على التاريخ والثقافة نظرًا لما تزخر به من آثار قديمة ومعالم دينية.
من الناحية الجغرافية، تحتل وجدة مكانة فريدة عند التقائه الحدود الثلاث مع كلٍ من الجزائر والمغرب نفسه. تحدها من الشرق الجزائر بشكل مباشر بينما ترسو قرى السعيدية وكذا عين بني مطهر جنوبًا وغربًا. تضم المنطقة مجموعة واسعة من التضاريس تتضمن سهول وانحاءً مثمرة مثل "أنكاد" الشهيرة بها المدينة وكذلك واحته الخلابة المعروفة بوادي إسلي ووادي زاؤو. هذا المزيج الطبيعي يخلق جوًا خاصًا يجذب السكان والسائحينalike.
بالحديث عن سكان وجدة، فقد بلغ عددهم حوالي 478,380 فرد وفق آخر تعداد رسمي أجري سنة ٢٠٠٤ . وتعيش ضمن تلك الربوع ثماني جماعات بدوية تتمثل بجماعة أولاد أنكاد وبني خلد ولَبْصارَة وسيدي موسي لمهاءية وعين الصفّا وسيد بولنوار وإسلي ومستفركا.
إن قوام الحياة الاجتماعية ليس فقط متعلقا بعدد الأحياء والجماعات المستقرة داخل المدينة بل يتضح أيضا عبر العديد من المعالم البارزة والتي تشكل جزءا هاما من تاريخ وجدة الغني والمعقد. فعند دخولكم بوابة البلدية سترون ساحة الثامن عشر أغسطس التاريخية ذات الأهمية القصوى للمدنية. وعلى الجانب الآخر، يصطف بجانب مسجد جامع الولي صالح الكبير مبنى دار السبتي الأنيقة المبنية بالأسلوب الأوروبي والذي يكشف جانباً غير معروف للحياة المدنية المغربية أثناء الحقبة الاستعمارية. وهناك أيضاً بناءٌ آخر يحمل اسم "باب الغربي"، وهو واحد من أشهر أبواب مدخل المدينة وهو يستحق زيارتك نظراً لتاريخه الواسع وصورة بانوراما جميلة للعاصمة الشرقية للمملكة المغربية.
أما فيما يتعلق بالمواقع الدينية فهي كثيرة أيضًا! فهناك المسجد الأكبر في وسط البلدة القديمة وما يعرف بمكتبات مجلس العلوم الإسلامي الموجودة خارج قاعة الاجتماعات المركزية بالجامع الرئيسي فضلاًعن مدرسة علوم الدين الإسلامية الحديثة إضافة إلى كنيسة سان لويس الشهيرة والتي كانت أول عمل معماري فرنسي يتم بناؤه عقب احتلال البلاد والقريب منها كذلك ضريح الفقيه الشيخ محمد ابن يونس رحمه الله تعالى... كل هذه الأمور تضيف ألواناً مختلفة لحقيقة حياة أبناء هذه الأرض المفعمة بالتراث والروحانية والعراقة منذ القدم حتى يوم الناس هذا !