مدينة صفرو: مجد التاريخ وتعاقب الثقافات

التعليقات · 0 مشاهدات

تتجلى قصة مدينة صفرو في ربوع المغرب الجليل كتحفة من تراث الماضي الغني والتاريخ الثري. تقع هذه البلدة الصغيرة الجميلة عند سفوح جبال الأطلس المتوسط، وهي

تتجلى قصة مدينة صفرو في ربوع المغرب الجليل كتحفة من تراث الماضي الغني والتاريخ الثري. تقع هذه البلدة الصغيرة الجميلة عند سفوح جبال الأطلس المتوسط، وهي تنتمي لمنطقة فاس-بولمان الجنوبية الشرقية. تُعتبر صفرو نتاج معادلة فريدة تجمع بين البساطة والأصالة فيما يحفظ أسرارًا تاريخية تعود جذورها لتأسيس قبائل أمازيغية قديمة عاشت هنا سابقًا. وقد اختير اسم "صفرو" تكريمًا لهذه القبائل الأصلية التي شهدت ظروف حياة متنوعة ومتوازنة رغم ضآلة المساحة العمرانية المحصورة ضمن سور حصيني يقاوم غزو الخارجيّن ويلتف حول قلعتين كنواة أولى لمؤسسات المدينة العمرانية.

وكان لجغرافية الموقع الاستراتيجي دور كبير في جعل هذا المكان مركز انطلاق وسفر مهم لحركة التجارة الخارجية عبر طريق بحر إيجه باتجاه الشمال الشرقي نحو بلدان شمال أفريقيا والعكس صحيح كذلك الأمر بالنسبة للساحل المغربي المطِلْ على خليج طنجة وإسبانيا القريبة جغرافياً. وهكذا اشتهرت صفرو بأنها نقطة عبور رئيسية للتجار الذين جاؤوا بحمولتهم ونزلوا محطّاتهم المؤقتَّة داخل شوارع وزوايا أحياء متقاربة بما تضمه أرضيتها الصخرية والحجرية الصلبة المبنية بطريقة هندسية رائعة تفوق الوصف بكثيرٍ من الأعمال الهندسية الأخرى الموازية لها طبقات زمنياً وحديثاً!

لكن ما يُميِّز مكتسباتها السياحية الأكثر شهرة عالميًا هو إنتاجها الكبير لثمار الفاكهة البربرية المعروفة باسم "حب الملوك"، والتي ربَّما كانت سبب تسميتها بهذا الاسم الشهير لدى عامة الناس نظرًا لفوائد طبيعية مذهلة لاتزال حتى الآن أحد أهم مصادر العناية الصحية للشعر والبشرة وغيرهما حسب الروايات الشعبية التقليدية المنتشرة بشكل واسع بين أهل المناطق المجاورة ودول غرب آسيا كذلك أيضًا.

ولعل الاحتفالات السنوية الخاصة بتلك الثمار الطيبة خصائص خاصة وفريدة أخرى بالمكوّنات الانتقائية لكل حدث منها بدءًا باختيار ملكة الجمال الرسمية وانتهاء بالأعمال الترفيهية المصاحبة مثل عرض الدمى المنزلقة باستخدام العربات اليدوية وآليات السير المفرد الذي يجوب شوارع وأزقة القرية النابضة بالحياة والاستقبال الرسمي الضخم لاستضافة الشخصيات العامة ذات النفوذ السياسي والدبلوماسي إن اقتضى الأمر ذلك أثناء مراسم دخول وخروج كل شخصية منهم خلال الفترة القصيرة للعرس الحقيقي الواحد فقط تقريبًا وبذلك تكون بذلك واحداً من خمس عشرة منطقة تراثية ثقافية منح منظمة اليونسكو العالمية اعترافها بانضماموها إليها مؤخراً تقديرا لإرث الثقافة الإنسانية والإنسان نفسه كما خلقه الخالق عز وجل وهو أمر يستحق التأمل حقا ولكنه ليس غريب الامر عليها كون بعض المدن العربية تعتبر مهد الحضارات الأولى للأمم الأوروبية الحديثة والتي نسجت فوق مخلفاتها أقمشة حضارية عصريّة جديدة أصبحت اليوم جزء أصيل منهويتنا الجمعائية البشرية بلا نفى ولا شك .

التعليقات