تعتبر مدينة قسنطينة إحدى أشهر الوجهات السياحية في الجزائر، والتي تتميز بطبيعتها الخلابة وبنيتها الحضرية الفريدة. غالبًا ما يتم وصف هذه المدينة بأنها "عاصمة الشرق الجزائري"، نظراً لموقعها الجغرافي الخاص وفنارها المعماري المذهل.

تقع مدينة قسنطينة فوق مجموعة من الشعاب والصخور الكلسية الصلبة، مما منحها مظهراً فريداً من نوعه جعلها معروفة باسم "مدينة الجسور المعلقة". تضم العديد من الجسور العتيقة التي تم تشييدها عبر القرون للتواصل بين مختلف أحياء المدينة المرتفعة. رغم أنه كان يوجد ثماني جسور سابقاً، لكن معظمها دمر بسبب سوء الصيانة والإهمال. أحد أكثر المعالم شهرةً هو الوادي الكبير (وادي رمل) الذي يعبر تحت الجسور المعلقة، منطلقاً من الشمال الغربي ويميل نحو الجنوب الشرقي، ويرتفع فوقه الجسر حوالي 200 متراً.

وتشتهر قسنطينة بكثافة مواقعها التاريخية والسياحية. تحتوي على قبور قديمة حفرتها عمليات التنقيب الأثرية حول الموقع الجبلي الشهير "نصب الأموات"، وهو موقع تاريخي مهم يعكس حضارة سابقة لهذه المنطقة. بالإضافة إلى ذلك، تكثر في قسنطينة الكهوف الطبيعية الرائعة مثل كهف "الدببة" الطويل نسبياً والذي يصل طوله إلى 60 متراً، وكهف "الأروي"، كلاهما يشهدان آثار الإنسان القديم ويعبر عنها الفن الصخري المحلي.

كما تلعب المساجد دور كبير في خريطة قسنطينة الثقافية والعلمية. يعد مسجد الأمير عبد القادر واحداً من أساسيات الزيارة، لما يحمله من رمزيتها الإسلامية والقيم الوطنية. وفي الواقع، تعتبر قسنطينة ليس مجرد مركز ثقافي وعلمي فحسب، ولكن أيضاً مهد نهضة التعليم في الجزائر الحديثة. مؤسسات مثل جامعة العلماء المسلمين التي أسسها أبو العلوم ابن باديس لعبت دوراً محورياً في نشر الثقافة العربية وتعزيز الهوية خلال فترة الحكم الفرنسي. احتفاءً بإنجازات قسنطينة الفكرية، عينت اليونسكو المدينة عاصمة للثقافة العربية سنة 2015.

وفي المجال اليدوي والحرفي، تحتفظ قسنطينة بتراث حرفي أصيل ومتنوع. حي "النحاسيين" مثلاً معروف بحرفيته المتخصصة في تنسيق المجوهرات والنحت الحديدي وغيرها من الأعمال المعدنية التقليدية. كذلك فإن مجال تطريز الملابس والسجاد له مكانة كبيرة ضمن التراث الثقافي القسنطيني. كل هذا يجعل زيارتك لقسنطينة تجربة غنية بالتاريخ والثقافة والمناظر الجميلة.