كوريا الشمالية، رغم سمعتها العالمية، ظلت محاطة بجدار سميك من السرية على مدى العقود الماضية. ومع ذلك، فإن بعض الحقائق قد ظهرت للنور لتقدم لنا لمحة عن الحياة داخل هذا المجتمع الخفي. وفقاً للإحصائيات الحديثة، يبلغ تعداد سكان البلاد حوالي 25 مليون شخص، مما يعطيها مرتبة رقم 52 دوليا بناءً على كثافة السكان. لكن ما يجعل كوريا الشمالية مميزة حقا هو طريقة تعاملها مع الوقت؛ فالبلاد تستخدم تقويم كيم إيل سونغ الذي بدأ العد منه بداية من سنة ميلاد زعيمها الروحي كيم إيل سونغ الراحل في العام ١٩١٢.
من الغريب أيضا أنه بينما تحتفل الكثير من الدول بالأعياد الشخصية مثل عيد الميلاد، فإن تلك المناسبة ليست مقبولة في كوريا الشمالية إن جاءت بتاريخ ثامن يوليو أو السابع عشر ديسمبر - وهو أيام ذكرى وفاة قائدين بارزين فيها. وعلى الرغم من أنها قد تبدو عقيدة سياسية أكثر منها قانون رسمي، فإن الإجراء يأتي نتيجة الولاء المطلق للحزب الحاكم وطاغوتيته الملحوظة.
إذا انتقلنا للحديث حول الاتصالات والتكنولوجيا الحديثة، فلن تجد هنا شبكة معلومات مفتوحة ومباشرة كنظام الانترنت العالمي. بل يتم التحكم بشكل صارم بمحتويات الشبكة المحلية وإن كانت قليلة ومتاحة فقط لحفنة صغيرة من الناس الذين حصلوا على إذن دخول إليها. أما بالنسبة للشعر والأزياء، فهناك أيضا قوانين ملزمة بتطبيق نموذج واحد للشعر الرجالي بما يشابه ذلك الذي يعتمد عليه كبار الناشطون السياسيون والعسكريون. وهذا يبدو وكأن البلاد تحاول زرع صورة موحدة وشاملة لشعبها ولكن بطريقة فرضت وليس اختيار سيرها المستقبلي.
ومن عجائب المدن الأخرى في كوريا الشمالية وجود منطقة كاملة الخدمات تعرف باسم كيسونغ مصممة خصيصا للاستخدام التجاري والاستثماري على حدودها الشرقية المتاخمة لكوريا الجنوبية وهي بذلك تعكس الجهود المبذولة لتعزيز العلاقات التجارية والدخول لسوق العمل الدولي عبر تلك المنطقة الاقتصادية المشتركة بين البلدين. وقد حدث أمر مثير للغاية عندما قام اتحاد كرة القدم الكوري الشمالي باستئجار مجموعة واسعة من المشجعين لبث الطاقة والإثارة أثناء المباريات المؤهلة لنهائيات كأس العالم لكرة القدم ٢٠١٠ وذلك بهدف زيادة حماس اللاعبين وتحسين أدائهم الرياضي.
بالعودة مرة أخرى لتقييم بنية البنية الأساسية هناك، ستكتشف أن شوارع العاصمة بيونجيانغ وغيرها من المناطق الريفية ليس لديها طرق اسفلتية كافية بالمقارنة بالمعدلات العالمية الأخرى مما يؤثر وبشكل مباشرعلى حركة مرور المركبات العامة والخاصة وكذلك يزيد الضغط الكبير علي الطرق الرئيسية خاصة خلال ساعات الذروة المسائية والصباحية قبل وبعد دوام المدارس والجامعات الرسمية الحكومية الحكومية الحكومية. لذلك فإنه ينصح دائماً بالحذر واتخاذ احتياطات السلامة اللازمة أثناء التنقل سواء مشياً أو باستخدام وسائل نقل عامة مختلفة لجميع أنواع المركبات القديمة والجديدة المنتشرة بشوارع المدينة وضواحي المقاطعات المختلفة للجمهورية.
هذه مجرد نظرة مختصرة لما تخفيه الجمهورية الديمقراطية الشعبية الكورية وما تنفرد به عن باقي البلدان حول العالم والذي جعل منها مكانا عجيبا يستحق التأمل والبحث العلمي والفكري المستمر مستقبلا .