مدينة نينوى، تلك العاصمة القديمة للإمبراطورية الأشورية العظيمة، تشهد على تاريخ غني يعود جذوره لأكثر من ثمانية قرون قبل الميلاد. تقع نينوى تحديداً جنوب شرق مدينة الموصل الحديثة في شمال العراق، ضمن ما يعرف الآن بمحافظة نينوى. كانت تنقسم المدينة الأصلية إلى قسمين، "تينِ" و"نيني"، وهما عبارتان مؤنسبتان تعبران عن "مكان القوة" و"المكان المطلي باللون الأحمر". وشُيدتا على جانبي نهر دجلة، لتكون واحدة فوق تل كونيج والأخرى أعلى جبل النبي يونس.
بعد سقوط الدولة الأشورية على يد الملك البابلي نبوخذ نصر الثاني عام 612 قبل الميلاد، لم تخلو منطقة نينوى تمامًا من الحياة البشرية. فقد استمرت بعض المجتمعات الصغيرة في الازدهار حول الموقع القديم. ومع ذلك، فإن التحولات الدرامية حدثت عندما تحولت أعمال الترميم نحو الضفاف الغربية للنهر، الأمر الذي أدى تدريجيا لإعادة توطن سكان المنطقتين السابقة والجديدة. وفي نهاية المطاف، ظهرت نواة جديدة لمدينة الموصل بالقرب من المقبرة النبيلة لنبلاء آشور وجيوشه الذين ربما قد نجحوا في إعادة بناء جزيرتهم الخاصة عبر النهار. وعلى الرغم من مرور القرون، ظلت أطلال نينوى شاهدة بتاريخها المذهل حتى وقتنا الحالي وهي تستقر شرقي موصل.
وفي الوقت الحالي، تغطي محافظة نينوى مساحة واسعة تبلغ حوالي ثلاثين ألف كيلومتر مربع مما يسمح بمجموعة متنوعة من البيئات والمناظر الطبيعية داخل حدودها. ويتفاوت الطقس أيضًا بشكل ملحوظ بناءً على التضاريس المرتفعة مثل هضاب الجزيرة وجبال حمرين وأجزاء أخرى من المناطق المتلاطفة والسهلية الواقعة عند ملتقى الحمم البركانية الأرضية. وعادةً ما يشهد موسم الربيع والخريف مدداً غير معتادة بالقياس للمناطق الأخرى بالعراق؛ لذلك يُشار إليها باسم "أم الربوع". وفي حين تعتبر شبه صحراء بدرجة كبيرة، يمكن اعتبار متوسط درجة الحرارة السنوية أكثر دفئاً بكثير منها في معظم مدن البلاد الداخلية بما يصل لحوالي +18°.
تشكل محتوياتها الثقافية والتاريخية إحدى عوامل جذب الزائرين وملء صفحات كتب التصنيف للسفر. فهي ليست فقط موقعا أثريا بارزا يحكي قصص حضارة عظيمة بل تضم كذلك مواقع مقدسة مختلفة تعرض معماري كنيسة وسامري مثل دير ماري كوركيس الشهير وكذلك الأديرة الثلاث الرئيسية المؤثرة دينيا والتي تتمثل بدير سيدنا إلياس الكبير والدير الثالث لدير أبو متّى الرئيسي. ومن ثم أصبح وجود رفقة روحية مميزة بسبب انتشار مراكز عبادة الأمامين مسلميين ومراكز مشابهة للأديان اليهودية والسريانية وغيرها الكثير من الكنائس المنتشرة هنا وهناك حول المدن المجاورة ذات طابع خاص بكل مجتمعاتها وما تبقى لهيكل الحضارات الكبيرة التي سبقت عصرنا الحديث.
بالإضافة لكل ما ذكر سابقاً، تجذب محافظتنا الغنية بالمواقع التاريخية بمناظر طبيعية خلابة حيث يجري مجرى مياه نهر دوجل وكابيته الجميلة وسط لوحة ألوان خضراء تظهر جمال ربيع السنة أثناء تنظيم مسابقات الأنشطة الشعبية التقليدية المصاحبة لاحتفالات مواكب الاحتفال برأس السنة الجديدة وفق تقويم شعب كردستان الذي يأتي مطابق للفصل الربيعي الجميلة تسمى "عيد نوروز".