موقع مدينة بعلبك: قلب التاريخ اللبناني القديم

تُعد مدينة بعلبك، والمعروفة أيضًا باسم "مدينة الشمس"، إحدى أهم المواقع الأثرية في لبنان، وتقع تحديدًا في وادي البقاع، على بعد حوالي 80 كيلومترًا شرق ا

تُعد مدينة بعلبك، والمعروفة أيضًا باسم "مدينة الشمس"، إحدى أهم المواقع الأثرية في لبنان، وتقع تحديدًا في وادي البقاع، على بعد حوالي 80 كيلومترًا شرق العاصمة بيروت. يرجع ارتفاعها الجغرافي إلى نحو 1,130 متر فوق سطح البحر، مما يعكس طبيعتها الجبلية الجميلة. هذه المدينة الغنية بتاريخها الفريد تحظى باهتمام عالمي واسع نظراً لأثارها القديمة التي تستحق التجول بين تفاصيلها لتستمتع بتجربة سفر غني بالمعلومات والأحداث عبر عصور مختلفة.

تمثل مدينة بعلبك واحداً من أشهر أماكن السياحة الثقافية والحضارية ليس فقط في لبنان بل وفي العالم العربي ككل. فقد أدرجت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) هذا الموقع الرائع ضمن قائمة مواقع التراث العالمي منذ العام ١٩٨٤ تقديراً لقيمتها التاريخية الفذة وإرثها الإنساني الثمين الذي يكشف أسرار حضارات متعددة امتدت عبر آلاف السنين. إنها حقاً شاهد حي على مسيرة تنوع ثقافي وحضاري ملحوظ شهدته أرض الوطن العربي.

تشير الدراسات الحديثة إلى أن الإنسان استقر واستعمر مدينتنا العزيزة باتجاه نهاية العصر الحجري الحديث، وذلك قبل أكثر من عشرة آلاف سنة مضت! لقد شكل هذا الاستقرار المتواصل لمختلف الشعوب والدول ظاهرة فريدة جعلت منها مركز جذب هائلاً لكل محبي معرفة الحقائق والأساطير المرتبطة بكل تلك الفترات الزمنية المختلفة التي مرت عليها.

ومن نافلة القول إن اسم "مدينة الشمس" الذي منحها إياه المقدوني الكبير الإسكندر الأكبر عند فتحه لها عام ۳۳۴ قبل الميلاد يجسد الجهد المبذول لإظهار جمال الطبيعية الخلاب لسوريات العرب المحروسة أمام شعوبه الجديدة المستقبلة له. وقد اعتمد الرومان نهج معماري مبتكر حين قاموا باستعمارها تحت حكم الإمبراطور بومبي الكبير أثناء توسعاته جنوبا ليصل إلى ساحل البحر المتوسط، وبذلك ولدت بذور عصر جديد لهذه المدينة ذات الطراز العمراني والفكري المميز والذي حافظ عليه المسلمون لاحقا عقب دخولهم إليها منتصرين على جيوش الدولة البيزنطية عام ٦٣٧ ميلادية. ومع ذلك، تعرضت بعلبك لعوامل التعرية والتآكل الناتجة حول الزلازل العنيفة التي ضربتها بشكل دوري طوال القرون التالية ولكن يبدو أنها تجاوزت كل العقبات بسبب اهتمام علماء الآثار الأوروبيين الذين بدأت تشرفت بدعم جهودهم المنظمة لهم منذ نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين. ومن ثم أصبح بإمكان البشرية مشاهدة عجائب صنع يد الإنسان وسط بساتين سوريا الرؤوم حالياً كما لو كانوا داخل متحف مفتوح لكل عاشق للتاريخ الإنساني..

المعالم الأثرية الشهيرة بـ 'مدينة الشمس' :

1) معابد بازيليكا: ترك لنا الفنيكيون آثار عظيمة مثل هذا المعبد الضخم الخاص بالإله الرئيسي لديهم آنذاك وهو بشير أو بعل – حسب تسميته بالعربية– حيث اشتهرت بتلك الفترة ارتباطاتها الوثيقة بحياة الناس وظروف حياتهم اليومية بما فيها عبادة الآلهة ودور الدين في توجيه تصرفات المجتمع وكيف كان يؤثر عليهم وعلى مصائر البلاد نفسها. بالإضافة لذلك فإن معبد آخر غير أقل شهرة وهو بيت الرب أو الهيوليبوس نسبة للإله المشتري لدى أهل الرومان يحتفظان بروعة هندسية نادرة وفريدة ولم تتغير كثيرا رغم طول عمرهما رغم مرور قرون طويلة جداً !

2) بوابة باكوس: بوابة رخامية ملكية شاهقة تبرز مدى مهارة فنون الهندسة القديمة فضلاً عن براعة حرفيي زمانها وتم رسم نقوش بارزة عليها لشخصيتان هما الملك ديوجانس وفرنيلوس، ابنه ، وهذه الأخيرة تحديدا تحمل رسومات ثلاثية الأبعاد مذهلة التصميم وتعتبر هدفا رئيسيًا للسياح المقبلين لرؤية مشاهد الماضي بكل جوانبها الدقيقة سواء كانت جمالية أم سياسية أم اجتماعية .

3) مقبرة فينوس: رمز بسيط ولكنه مليء بالقوة إذ يعد مثال واضح علي قدرة سكان تلك المناطق البدائية علي خلق جمال خاص بهم باستخدام المواد الخام الموجودة حولهم فعلى الرغم أنه مبنى صغير إلا ان تصميماته الداخلية وجدارياته الملونة تؤكد وجود ثقافة ثاقبة حساسة تجاه عناصر الحياة المختلفة .

وفي النهاية يمكن وصف رحلتك لاستكشاف وتعايش تاريخ مدن مثل بعلبك بأنها ليست مجرد أيام قليلة تخوض خلالها مغامرات شخصية ممتعة وإنما فرصة سانحة لتعلم الكثير والكثير ممن تعلمته قبلك كيف عاشوا وما فعلوا وما تميزوا عنه من خصائص متنوعة تجعل منهم جزء مهم جدًا من تراثنا المشترك جميعا كمواطنين غرب آسيا .

التعليقات