تتمتع فرنسا بتاريخ عريق وتراث بحري غني جعل منها مركزاً هاماً للتجارة البحرية الدولية منذ القرون الوسطى وحتى العصر الحديث. وفي هذا السياق، تشكل مجموعة من الموانئ ذات الأهمية الاستراتيجية والاقتصادية لبنية البلاد وموقعها الجغرافي الفريد. سنستعرض هنا بعضاً من أهم هذه الموانئ وما تقدمه من خدمات وبنيتها التحتية المتقدمة.
مرسيليا - قلب التجارة والبحر الأبيض المتوسط
تُعدّ مدينة مرسيليا الواقعة جنوب شرق فرنسا واحدة من أقدم وأكبر الموانئ البحرية في أوروبا. لعبت دوراً رئيسياً كبوابة رئيسية بين شمال وغرب أوروبا وجنوب شبه الجزيرة الإيبيرية والدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط. تضم المدينة ميناءً حديثاً يغطي مساحة تقارب 25 كيلومتراً مربعاً ويستوعب أكثر من مليون حاوية سنوياً، مما يجعلها ثاني أكبر محطة للحاويات في القارة بعد روتردام الهولندية. بالإضافة إلى ذلك، تعد مرسيليا قاعدة بحرية مهمة للقوات الفرنسية، فضلاً عن كونها منطقة تجارية وسياحية نابضة بالحياة.
ليل - بوابة النقل الأوروبية الشمالية
على الرغم من عدم امتلاك ليل سواحل مباشرة، إلا أنها تعتبر ميناء داخلي ذا طابع خاص نظراً لموقعها الاستراتيجي كنقطة عبور رئيسية عبر شبكة نهر السوم والمجاري المائية الأخرى التي تربط بين الشمال الغربي للبلاد وخليج الراين/الميس، والذي يصل بدوره بالبحر الشمال. توفر المدينة حلقة وصل أساسية لنقل البضائع والأشخاص نحو البلدان الاسكندنافية وهولندا وبريطانيا وغيرها من الدول الأوروبية المجاورة. يُعتبر مطار ليان كور مليونيه أحد أحدث المشاريع التنموية في المنطقة، وهو يؤدي أدوار متعددة سواء كانت نقل البضائع الدولية أو المساهمة بطاقتها الاستيعابية المرتفعة لاستقبال الركاب المغادرين إليها بصورة مستمرة.
تولوز – أرض الطيران والصناعة الثقيلة
رغم شهرتها باعتبارها معقل الصناعات التحويلية الناشئة مثل الفضاء والجوي وصناعة السيارات؛ فإن ميناء تولوز يعد قطباً حيوياً أيضا بالنسبة لحركة مرور الحاويات حول العالم. يتميز الموقع بإمكاناته التشغيلية الواسعة والتي تتضمن خدمة مهبط لطائرات الشحن العملاقة "أن 146" والتي تستطيع التعامل بمفردها مع حمولة تبلغ حوالي ١٢٠ طن متري لكل رحلة عمل فردية لها. تعمل تلك القدرة الهائلة جنبا إلي جنب مع كوادر بشرية مدربة جيدا لتسهيل سير العمل داخل المحطة وتوفير الوقت اللازم لإتمام كافة عمليات تفريغ الشحنات المختلفة وإعادة تعبئتها مجددا بما يناسب احتياجات السوق الحالي دون تأخير ملحوظ نسبته لأكثر من سبعة أيام فقط وفق آخر التقارير الرسمية المعتمدة لذلك العام المنصرم ٢٠٢٣ ميلادية .