تُعرف طهران، العاصمة الرائعة لإيران، بأنها البوابة الرئيسية لهذه البلاد الغنية بالتراث والثقافة. تُطلق عليها اللغة الفارسية "تهران"، وهي تنفرد بموقع استراتيجي عند سفوح جبل البرز جنوباً، محاطة بسهل الكوير الشبه الصحراوي. ترتفع فوق سطح البحر بنحو 1,100 متراً، مما يعطيها موقعاً فريداً يشكل نقطة التقاء بين الهضبة المركزية والجبال المغطاة بالثلوج.
وفقاً للإحصاءات الأخيرة، بلغ تعداد سكان هذه المدينة المترامية حدود 8 مليون نسمة. رغم كثافتها السكانية العالية، فإن ثلوج الجبال القريبة هي مصدر رئيس لموارد المياه، بينما توفر الطبيعة المحلية مواد خام حاسمة لصناعات متنوعة مثل النسيج والسكر والإسمنت والصناعات الكيميائية والكهربائية.
هذا التنوع الاقتصادي ينعكس بشكل واضح في الحياة اليومية لسكان طهران الذين يتمتعون بتكوين عرقي وطائفي غني ومتنوع. إلى جانب الفرس والأكراد والأتراك، تستضيف المدينة أيضًا أقليات صغيرة من العرب والأرمن واللور والبلوش وغيرهم. وهذا التنوع الثقافي يبدو جلياً في المعالم الدينية المختلفة بما فيها المساجد والكنائس.
تاريخ طهران غني وثرى. بدأت كمستوطنة صغيرة بالقرب من الري، الواقعة اليوم جنوب غربها مباشرةً. لكن الرؤية السياسية للملك محمد خان من أسرة القاجاريين غير مسار التاريخ. في القرن الثامن عشر، اختار نقل مركز السلطة من شيراز إلى هذه القرية الصغيرة المرتبطة بجبال البرز، ليصبح ذلك القرار بداية جديدة لطهران كالعاصمة الرسمية للدولة الصفوية ثم فيما بعد دولة القاجار والشاهنشاهية البهلوية.
اسم "طهران" له جذوره الخاصة حسب الروايات التاريخية. يُعتقد أنه اشتقاق من العربية وتعني "مكان الاختباء". وقد تم اختيار هذا الاسم بسبب الموقع الاستراتيجي للمدينة قرب قاعدة جبل البرز حيث يمكن للأشخاص الاختفاء أثناء الدفاع ضد الغزوات الخارجية.
تشهد طهران نهضة ثقافية فائقة تتجلى في العديد من المنشآت الشهيرة مثل استاد آزادي -أكبر الملعب الرياضي في البلاد- وباب آزادي ذو التصميم الهندسي البديع والذي يعد رمزاً للعظمة الحديثة بالإضافة إلى الحدائق العامة والمتاحف والشواطئ الداخلية الجميلة.
ومع ذلك، تواجه طهران تحديات بيئية كبيرة مرتبطة بكثافة حركة السيارات وكثرة الوفيات البشرية الناجمة عنها وكذلك مخاطر زلازل محتملة نظراً لأن البلاد تقع ضمن منطقة نشطة زلزاليا للغاية خاصة المناطق الجنوبية منها والتي تعتبر الأكثر تعرضًا لهذه الظاهرة الطبيعية الخطيرة.
على الرغم من تلك العقبات، تبقى طهران روح إيران ودليل عميق على تاريخ وإنجازات شعب عاش عبر حقب عديدة وأتقن فن التعايش والتسامح بين مجموعاته الطائفية المتعددة.