مدينة أور، الواقعة جنوب العراق، تعد إحدى أقدم المستوطنات البشرية. تأسست في قلب بلاد ما بين النهرين -أو كما يُطلق عليها "بلاد الرافدين"- حول عام 2100 قبل الميلاد. تتميز بطريقاتها التي تحمل طابع حضارة سومر القديمة، وببساتينها الخضراء المنتشرة فوق أرض خصبة توفر الرزق لأهلها.
تقع أور تحديداً قرب خليج فارس، تحديداً في منطقة تسمى "تل المقير"، ليست بعيدة كثيراً عن البصرة نحو جهة الشمال. ويمكن الوصول إليها عبر رحلة ريفية خلابة تبدأ من العاصمة بغداد ثم تتجه جنوباً حتى الناصرية، لتختبر جمال الريف العراقي وقدرته على الوفاء بتاريخ طويل ومعقد. تحدد خطوط العرض A 30°57'N وخط طول E 46°06'D مواقع أور بشكل متقارب مع مدينة إدواردو الموجودة اليوم.
على الرغم من مرور الزمن وحركات السكان المتكررة، إلا أنها تحتفظ بمعالم هامة مثل ضريح الملك الشهير شولجي أكوربولاس الذي شيّد قبيل العام ٢٨٠٠ قبل الميلاد، بالإضافة إلى آثار أخرى تشهد على ازدهار تجارتها الخارجية وتنوع اقتصادها المبكر المعتمد جزئياً على إنتاج المواد الخام كالذهب والفضة والمعادن الأخرى وكذلك الأحجار الكريمة والمواد البحرية الثمينة.
يُذكر أيضاً دورها الكبير في انتشار الديانة السومرية أول منظومة عقائدية معروفة للإنسانية جمعاء خلال القرون الأولى من الألف الثالث قبل الميلاد. هذا النظام الديني أثّر بدوره على الثقافات لاحقة بما فيها اليهودية والإسلام وغيرهما مما يؤكد مكانتها المركزية ضمن خارطة التطور الروحي للعالم القديم.
هذه المدينة المكتظة بالأحلام والتاريخ تحكي قصة حياة الإنسان منذ آلاف السنوات، لتكون شاهدة حية على تقدم الحضارة الإنسانية وجرأتها في مواجهة الطبيعة والاستمرار رغم كل المخاطر والعقبات.