تُعدُّ مدينة بغداد واحدة من أقدم المدن وأكثرها أهمية في العالم الإسلامي، وهي تحتفظ بتراث ثقافي غني يعود تاريخه إلى آلاف السنين. تُعرف هذه المدينة النابضة بالحياة أيضًا باسم "عاصمة العلم"، نظرًا لكونها مركزاً هاماً للتعلم والمعرفة منذ العصور القديمة وحتى يومنا هذا.
تعود جذور بغداد إلى القرن الثامن الميلادي عندما أسسها الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور عام 762 ميلادياً. كانت المدينة بمثابة العاصمة السياسية والثقافية للدولة العباسية التي امتدت حضارتها من الهند حتى الأندلس. خلال فترة ازدهارها في القرون الوسطى، شهدت بغداد نهضة فكرية شاملة، حيث اجتمع فيها علماء وفلاسفة ومفكرون بارزون مثل ابن سينا وابن رشد وابن خلدون، الذين قدموا مساهمات كبيرة لمختلف مجالات المعرفة.
بالإضافة إلى كونها مهد الحضارة الإسلامية، تتميز بغداد بموقع استراتيجي جعل منها نقطة تقاطع مهمة بين الشرق والغرب. تقع المدينة عند ملتقى نهري دجلة والفرات، مما يوفر لها ميزة اقتصادية فريدة ترتبط بوسائل نقل المياه الداخلية والخارجية. وقد ساعد هذا الموقع الفريد في تشكيل تاريخها وتطورها كمركز تجاري وثقافي حيوي.
اليوم، ما زالت بغداد تحمل بصمة الماضي الغني بينما تستقبل المستقبل بخطوات ثابتة نحو التحديث والتطور. فقد مرت بالعديد من محطات الصعود والنزول، لكنها ظلت محافظة على روح أهلها المتسامحين المتعطشين للمعرفة والسعي الدائم للتقدم. وعلى الرغم من التحديات الاقتصادية والأمنية الأخيرة، إلا أنه يمكن رؤية إشارات واضحة للإصلاح والبناء في شوارع المدينة وجامعاتها ومعارض الفنون والمراكز الثقافية التي تضج بالأحداث اليومية.
إن جمال بغداد يكمن ليس فقط في معالمها التاريخية الرائعة ولكن أيضاً بروح شعبها المضياف الذي يحافظ بفخر كبير على تراث أمجاد مضى عليها الزمن. وبذلك تبقى بغداد مصدراً دائماً للإلهام لكل مهتم بتاريخ الأمم وحضاراتها وماضي الإنسانية المشترك.