القدس: تاريخها العميق وحاضرها المضطرب

التعليقات · 0 مشاهدات

تُعد مدينة القدس واحدة من أكثر المواقع دلالةً ورمزيةً في العالم الإسلامي والتاريخ الإنساني بشكل عام. تشتهر هذه المدينة القديمة بحكاياتها التي تعود إلى

تُعد مدينة القدس واحدة من أكثر المواقع دلالةً ورمزيةً في العالم الإسلامي والتاريخ الإنساني بشكل عام. تشتهر هذه المدينة القديمة بحكاياتها التي تعود إلى ألفي سنة مضت، وهي مزيج غني بين الثقافات المختلفة والأديان المتنوعة. ولكن رغم روعتها التاريخية، فإن وضع القدس الحالي يشهد حالة من الاضطراب السياسي والحصار الذي يثقل كاهل سكانها اليوميين.

تعود جذور القدس الأولى إلى حضارة كنعان قبل الميلاد، ثم شهدت تحت حكم الحيثيين والإسرائيليين القدماء تطوراً ملحوظاً. ومع دخول الإمبراطورية الرومانية أرض فلسطين، تغير وجه المدينة عندما هدموا الهيكل اليهودي وبنوا فيما عرف فيما بعد باسم "الهيكل الروماني". لكن أهم دور لها جاء مع بداية الإسلام حين جعل الرسول محمد صلى الله عليه وسلم المسجد الأقصى أول قبلة للمسلمين، مما منح القدس مكانتها الخاصة في الإسلام.

بعد الفتوحات الإسلامية، شهدت المدينة فترة ازدهار فكري وثقافي لم يسبق له مثيل. كانت مركزا للحوار الديني والفلسفة والعلم، خاصة خلال العصور الأموية والعباسية. أما في القرن السابع عشر فقد تعرضت للسيطرة العثمانية التي استمرت حتى نهاية الحرب العالمية الأولى. وفي النصف الثاني من القرن العشرين، عرفت المدينة تقسيمات إدارية متعددة عقب اتفاقيتي رودوس ولندن عام ١٩٤٩ والتي أدّت إلى وضْعِ الكيان الصهيوني اليدَ فوق الجزء الغربي منها بينما ظلت الشرقية تحت الحكم العربي الأردني لفترة قصيرة.

ومع حرب يونيو ١٩٦٧ ومؤتمر السلام المصري الاسرائيلي المصري سنة ٢٠٢٠ وما تبعهما من جهود دولية لتأمين حل نهائي دائم للصراع الفلسطيني الاسرائيلي، تبقى قضية القدس محور أساسي لأي تسوية مستقبلية محتملة. فالمدينة ليس فقط موقع مقدس بالنسبة لليهود والمسيحيين والمسلمين؛ بل هي أيضا رمز للهوية الوطنية والقومية للشعب الفلسطيني.

إن مفتاح تحقيق سلام دائم يكمن في احترام حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتجزئة بما فيها حقهم في تقرير المصير واستعادة سيادة وطنهم المكبوت منذ عقود طويلة جدًا الآن - وهو ما يعني بالضرورة إعادة الوحدة الجغرافية والسكانية لمدينة القدس الشريفة مجدداً. إن هذا الحل الوحيد الذي يمكن أن يضمن التعايش المشترك والاستقرار الطويل المدى في المنطقة برمتها.

التعليقات