برج إيفل، أحد أشهر المعالم العالمية التي تمثل العاصمة الفرنسية باريس، يقع تحديدًا على بعد خطوات قليلة من نهر السين الجميل في الجانب الشمالي الغربي من الحديقة الشهيرة "شامب دي مارس". يمكن وصف موقعه الدقيق بأنه نقطة جذب رئيسية ومصدر فخر لعشاق التاريخ والثقافة حول العالم.

لم تكن عملية بناء هذا العملاق المعدني سهلة كما قد يبدو؛ فقد بدأ بناؤه في 28 يناير عام 1887 واستمر لمدة سنتين وشهر واحد حتى اكتمل تماماً قبل افتتاح معرض باريس العالمي بيوم واحد فقط! خلال تلك الفترة الطويلة نسبياً والتي امتدت لنحو أربعة عشر شهراً، عمل فريق صغير نسبيًا مكون من نحو 230 شخص تحت إشراف المهندس الشهير غوستاف إيفل نفسه لإكمال مشروع الهندسة الباهرة هذا.

تم تصنيع جميع الأجزاء الرئيسية -حوالي مليون قطعة!- خارج الموقع ثم نقلتها شاحنات بخارية خاصة إلى منطقة المنصوب الحالي. كانت كل جزء مصمم بدقة وفق رسومات دقيقة للغاية بلغ عددها خمسة آلاف وثلاثمائة رسم توضيحي. رغم التوقعات بأن يحتوي البرج على مليون وخمسمائة ألف وصلة برغي، إلا أنه انتهى الأمر باستخدام نصف كمية المتوقع فقط وهو رقم مذهل بنفسه: أكثر من مليوني ثمانية وستين ألف حلقة متينة لكن مؤقتة مركبة بشكل مثالي بطريقة فريدة بين الثقوب المحاطة بحلقات خارجية أكبرها قطرها عشرة ملليمترات ومتوسط عرض الحلقة الواحدة ملليمتر ونصف الملليمتر.

تجدر الاشارة هنا الى اهميته التاريخية والتكنولوجية أيضا. فهو ليس مجرد معلم سياحي رائع يجذب الزوار بل ايضا لعب دورا محوريا في مجال البحث العلمي منذ بنائه حتى وقت حديث نسبيا. إذ استغله علماء الفلك والجيوفيزياء للإرسال والاستقبال لاسلكي فضلا عن استخداماته الأخرى مثل بث الاذاعة وإشارات التلفزيون عبر سنوات عديدة . لذلك يعد برج ايفل ليس مجرد هيكل جميل ولكن انه شاهد صامت علي تاريخ الانسانية وعظمتها الفكرية والإبداعية.