ارتفع تعداد سكان المملكة العربية السعودية بشكل ملحوظ منذ الاستقلال، مروراً بفترة النمو الاقتصادي الكبير التي شهدتها البلاد خلال العقود القليلة الماضية. يُعدّ هذا التحول المهم جزءاً أساسياً من تاريخ المملكة الحديث وتعكس البيانات الإحصائية تقدماً مستمراً في استراتيجيات تطوير المجتمع والتنمية البشرية.
وفقاً لبيانات الجهاز المركزي للإحصاء السعودي (GASTAT)، بلغ عدد السكان حوالي 25 مليون نسمة عام 1992. وعلى مدار الثلاثين سنة التالية، حققت المملكة نمواً سكانياً متسارعاً ليصل إلى أكثر من 34 مليون شخص بحلول نهاية العام 2020. هذه الزيادة السكانية تعزى جزئياً إلى ارتفاع معدلات الولادات، بالإضافة إلى زيادة الهجرة الداخلية والخارجية للشغل والعيش.
إن التركيبة العمرية للمملكة أيضاً تتميز بتوزيع غير منتظم بعض الشيء؛ حيث يشكل الأفراد الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و64 سنة نسبة كبيرة جداً مقارنة بالأطفال وكبار السن. وهذا يعتبر مؤشراً إيجابياً فيما يتعلق بالقوة العاملة والإنتاجية الاجتماعية. ومع ذلك، فإن معدل الشيخوخة المتزايد قد فرض تحديات جديدة على سياسات الرعاية الصحية والمالية المستدامة.
وقد أدى التوزيع الجغرافي لسكان المملكة كذلك إلى اختلاف في كثافة المناطق الحضرية مقابل الريفية. فبينما تشهد المدن الرئيسية مثل الرياض وجدة ودبي توسعات سكانية سريعة بسبب فرص العمل والتقدم الاقتصادي، تبقى مناطق أخرى ذات كثافات أقل نسبياً. إن فهم هذه الاختلافات ضروري للتخطيط المناسب للبنية التحتية والخدمات العامة بما يحقق العدالة الاجتماعية والاستقرار الاقتصادي.
بالإضافة لذلك، تلعب الهجرة دوراً بارزاً في تغيير المشهد الديموغرافي بالمملكة. سواء كانت محلية ضمن حدود البلاد أو خارجية من الدول الواقعة بجوارها ومن مختلف دول العالم الأخرى، فقد أثرت تلك الحركات السكانية على التنوع الثقافي والحراك الاجتماعي والثراء الفكري داخل المجتمع السعودي. وفي الوقت نفسه، استحدثت تحديات تتطلب إدارة فعالة للهويات المحلية والاندماج المجتمعي للحفاظ على الوحدة الوطنية وتماسك الأمة.
وفي الختام، يعد تعداد السكان أحد المؤشرات الرئيسة لفهم وضع الدولة الحالي واتجاهها نحو المستقبل. إن رؤية "السعودية 2030"، البرنامج الطموح الذي أطلقته الحكومة بهدف تنويع الاقتصاد وخلق بيئة جاذبة للاستثمار والمعيشة، تتأثر بصورة مباشرة بهذا الجزء الحيوي من البنية السكانية. وبذلك، يستطيع المرء تتبع تقدم المملكة ومقاومتها للتحديات العالمية عبر دراسة مسارات تغير تركيبها الشعبي وأبعاد قدرتها على التأثير العالمي المنظور لها كونها قوة اقتصادية وسلطة سياسية مهمة في الشرق الأوسط والعالم الإسلامي كله عموماً.