"سياسة الأرض المحروقة"، وهي استراتيجية عسكرية تاريخية تتضمن تدمير جميع موارد وممتلكات المنطقة المستهدفة بشكل منهجي لتجنب منح العدو سبل النجاة والاستمرار. يعود أول ذكر لهذه السياسة إلى القرن الخامس عشر خلال الحروب النيابية حين اتخذتها الدول الأوروبية لمحاربة جيوش المغول والتتار المتوحشة. ومع ذلك، فإن أحد أكثر الأمثلة شهرة وقع في الفترة ما بين عامي ١٩٤١ -١٩٤٥ أثناء الحرب العالمية الثانية.
في ساحة القتال الأوكرانية مثلاً، أمر الحزب الشيوعي السوفيتي بإتباع هذه السياسات المدمرة لعرقلة تقدم الجيوش النازية والتي كانت تهدد العاصمة الكييف. وشمل ذلك تدمير المصانع والسدود والمرافق العامة والبنية التحتية للنقل. كما طُلب من السكان المحليين مساعدة السلطات عبر تحطيم وإتلاف زراعتهم الحيوانية والنباتية قبل مغادرة المدينة. وقد أدى تطبيق تلك التعليمات بقوة شديدة إلى كارثة بيئية واجتماعية رهيبة. فقد ترك الأمر الناس بدون غذاء ولا رعاية صحية مما جعلهم عرضة للأوبئة والجوع والعوز الشديد. وكانت النتيجة تشريد ملايين الأشخاص وتعريض العديد منهم للفناء المؤكد نتيجة الظروف القاسية وعدم قدرتهم الوصول لأدنى متطلبات الحياة الدنيا كالغذاء والماء والدواء.
كما شهد التاريخ مثال آخر لاستخدام مشابه لـ "سياسة الأرض المحروقة". فعندما اجتاح نابليون بونابرت روسيا سنة ١٨۱۲ طلب الامبراطور الكسندر الأول من شعبه القيام بنفس النهج واستئصال كل مؤونة غذائية ودوائية وبيوت وطرق مواصلات حتى يواجه الثائر الفرنسي حرماناً وضيقاً يعيق زحف جيشه نحو قلب اوروبا الشرقية. وفي النهاية هزم الجيش الفرنسي رغم امتلاكه قوة بشرية هائلة ولكن بسبب ظروف طبيعية وعوامل تضليل قام بها روس المناظرين الذين أحرقوا خلفهم مراكبهم البحرية عند نهر نيمان ليمنعوها بالإمدادات الغذائية والإنسانية للجند الفرنسي الواقف أمام نهر الدنيبر وبعد مرور عدة اشهر أجبروه على الخروج من موسكو وهو الآن ضائع وسط خطوط العدو وليس لديه القدرة الهجومية اللازمة للدفاع عن نفسه ضد هجمات الدولة المضيفة المساندة لهم بالمشاة والقوات الثقيلة بما فيها المدفعيات المركزة التي أصابت صفوفه بالسهام والنيران وقتلته بالتالي وخسر باقي رجاله معظم معداته ومؤنه المنقول ويذكر التاريخ انه توفي فيما بعد اثر تعرضه لنوبات مرض السل والحمى الروماتيزمية ونظراً لما سببته له حملاته الطويلة والكوارث الطبيعية وحرب المواقع الضخمة والخسائر البشرية الهائلة.