في رحاب الأدب العربي والتراث الإسلامي، تبرز أسطورة غامضة وغريبة تدعى "جزيرة الواق واق". رغم ذكرها المتكرر في النصوص التاريخية والأدبية كبلدٍ محيطٍ بالسحر والغموض، فإنه لم يتم تأكيد موقعها الفعلي بشكل دقيق. تشير بعض الروايات القديمة إلى أنها قد تكون موجودة ضمن مياه جنوب شرق آسيا، بينما تربط البعض الآخر الاسم بموقع استراتيجي ساحلي في أفريقيا.
ويرجع سبب التسمية الغريب لهذا المكان إلى حكايات تقول إنها مفعمة بالأشجار الطويلة المثمرة برؤوس بشرية ذات شعر طويل تتدلَّى كالزهور؛ وعندما تهب الريح عبر أوراقها الملتفة، تنبعث أصوات تُشبه رنين النداء ("واق واق"). وقد أحضر المسافر المسلم الشهير ابن بطوطة مصطلح 'واق واق' إلى الثقافة العربية بناءً على الأصل الياباني ('Wakoku').
وفي السياقات الأدبية، شهدت 'جزيرة الواق واق' بروزًا ملحوظًا. فقد ظهِرت شخصيات شهيرة داخل دفات قصص الخيال الشعبية الخليجية مثل "ألف ليلة وليلة"، بالإضافة إلى أعمال أدبية لاحقة. ومن أشهر الأعمال: رواية "أليس في بلاد الواق واق" المستوحاة بصورة غير مباشرة من القصص الشرقية؛ ورواية "حي بن يقظان" لإبن طفيل والتي تصور مغامرات فلسفية تحكي قصة حياة شاب ينمو وسط بيئة طبيعية منعزلة تمامًا عن العالم الخارجي.
وتجد نتفٌ أخرى من تاريخ واَقْ وَاق مشاركات في موسوعات متعددة بما فيه "الروض المعثار للأقطار" للإمام حميري، والذي يعد جزء منه مرجع مسنود لدراسات جغرافيا وأنساب المنطقة آنذاك. وبذلك فإن تركيز معظم الكتابات حول جزيرة الوُاق الوُاق ليس كمكان جسدي وحسب وإنما أكثر بكثير مما يعني ذلك - فهي تمثل رمزاً للقوة والحكمة والفلسفة الإنسانية.
إن هذه المغامرات المصطنعة هي انعكاس جمالي لتبادل التجارب والمعرفة البشرية عبر الأعصار المختلفة ومعابر طرق التجارة البحرية خاصة. إنه مثال رائع للتواصل الثقافي والخيال الشعبي المرتكز على رؤية واسعة للعالم خلال حقبة الاستكشاف المبكرة قبل عصر النهضة الأوروبية. ولعل أهم درس يمكن استخلاصه هنا هو قوة التواصل المعرفي الدولي عبر الحدود السياسية والجغرافية الطبيعية كتلك الموجودة اليوم.