تقع مدينة طولكرم شمال غرب الضفة الغربية بفلسطين، وتعد واحدة من أقدم المدن الفلسطينية التي تعود جذورها إلى العصور الفرعونية والإغريقية. تتمتع بطابع تاريخي عريق وأصالة ثقافية كبيرة تركت بصمة واضحة على حاضر المدينة ونسيج مجتمعها حتى اليوم. تعدّ هذه المدينة جوهرة من الجواهر التاريخية والمعمارية الفريدة والتي تعتبر جزءاً أساسياً من الهوية الوطنية الفلسطينية.
تاريخ طويل يمتد عبر الزمن يعكس أهمية موقع طولكرم الاستراتيجي منذ القدم. كانت مركز تجاري هاماً لما حوله بسبب تربتها الخصبة وموقعها القريب من البحر الأبيض المتوسط. هذا الموقع جعل منها هدفاً مرغوباً للعديد من الإمبراطوريات المتعاقبة مثل الرومان والبيزنطيين والفاطميين والمماليك وغيرهم ممن أثروا بشكل كبير بتراث المدينة الحضاري. أدى ذلك لإرث مادي وثقافي غني مازال ظاهراً في معالم مثل المسجد الكبير وقلعة عتيقة وكنائس قديمة تحكي قصة مريرة ولكن ملؤها الصمود والأمل.
الثقافة المحلية تتشابك فيها عناصر الحياة اليومية والاحتفالات التقليدية الدينية والعادات الشعبية الموروثة جيلاً بعد جيل. يعد مهرجان "أيام طولكرم الثقافية" أحد أشهر تلك الاحتفالات السنوية الذي يجسد روحية أهل المنطقة ويبرز فنونهم وحرفتهم اليدوية وإبداعات شعرائهم وشاعراتهم. كما تستضيف المدينة العديد من المعارض الفنية والحفلات الموسيقية التي تحتفي بالأعمال الجديدة للمبدعين المحليين والعرب.
بالإضافة للتاريخ والثقافة، تشتهر طولكرم بغناها الزراعي بوفرة منتوجاتها الموسمية مثل زيت الزيتون والخضروات والفواكه المختلفة مما يدعم اقتصادها الريفي ويعزز ارتباط سكانها بجذورهم الأرضية. كذلك يساهم قطاع التعليم الجامعي داخل حرم جامعة النجاح فرع طولكرم بدوره المحوري في تطوير المجتمع وتعزيز مداركه.
مدينة طولكرم تجمع بين عمق الماضي وسحر المستقبل وهي شهادة قوية لرؤية شعب فلسطين لحاضر أجمل مستمد أصله من تراث زاخر بالإنجازات الإنسانية والشجاعة الفائزة بالحفاظ عليها رغم كل الظروف القاهرة.