دول مجلس التعاون الخليجي، التي تشكل واحدة من أهم مناطق الشرق الأوسط اقتصادياً وثقافياً، تتميز بتنوع كبير فيما يتعلق بعدد السكان وتركيبتهم الديموغرافية. المملكة العربية السعودية، كونها الدولة الأكبر مساحةً وأكثرها تعداداً بالسكان بين الدول الأعضاء الستة، تحتل مركز الصدارة مع أكثر من 34 مليون نسمة وفق آخر الإحصائيات الرسمية لعام 2021. تليه سلطنة عمان بطاقم سكاني يبلغ نحو 5 ملايين شخص بحسب ذات المصدر. قطر والإمارات العربية المتحدة هما من أقل الدول كثافة سكانية حيث يسجل كل منهما حوالي 2.8 مليون فرد لكل دولة. أما الكويت والبحرين فتنتميان إلى الفئة المتوسطة بإجمالي ما يقارب 4.6 مليون و1.7 مليون نسمة على التوالي.
إن هذه الاختلافات في الأحجام السكانية تعكس اختلاف الظروف الاجتماعية والاقتصادية والتاريخية لكل بلد خليجي. فعلى سبيل المثال، فإن الزيادة السكانية السنوية الأعلى نسبياً حدثت في الإمارات منذ عام 2009 بسبب السياسات المغرية للمواهب العالمية والمقيمين الجدد الراغبين بالحصول على فرص عمل ومزايا أخرى تقدمها الحكومة المحلية. وفي المقابل شهدت البحرين نمواً متوازناً خلال العقد الماضي نتيجة لاستقرار الاقتصاد واستقبال مهاجرين جدد كجزءٍ طبيعي من المجتمع المحلي.
من الجدير بالذكر أيضاً هو التأثير الكبير للهجرة الخارجية على مجموعات السكان الخليجية، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار ارتفاع نسبة غير المواطنين مقارنة بالمواطنين الأصلانيين. وتشمل الأسباب الرئيسية لهذه الهجرة الطلب المرتفع على العمالة الوافدة لتلبية احتياجات البنية التحتية والصناعة الناشئة بشكل سريع بالإضافة إلى جاذبية المعيشة المقدمة للأجانب الذين يعملون داخل حدود تلك البلدان الغنية بالأموال النفطية.
بالإضافة لذلك، تلعب القضايا الصحية دورًا حاسمًا عند النظر في الوضع الحالي لسكان المنطقة. فالشيخوخة وسن الوفيات هي عوامل مهمة تتطلب اهتمام خاص في خطط المستقبل الخاصة بكل بلد حتى يتم التعامل مع تحديات الرعاية الصحية والحفاظ على تماسك مجتمعاتها باعتباره أمر أساسي لتحقيق رفاهيتها العامة. ومن هنا يمكن ملاحظة كيف تسعى الحكومات للعمل بنشاط لإيجاد توازن دقيق بين جذب المهارات الدولية والاستثمار في رعاية حملتها الصحّيّة الوطنية لحماية مواطنيها وتحقيق مستقبلهم الآمن والسليم. وبالتالي فإن فهم ديناميكيات التحولات الديموغرافية ودراسة تأثيرها سيظهران مدى ضرورة وضع سياسات مدروسة تستهدف الحفاظ على استدامة تنمية الشعوب وتعزيز الاستقرار الاجتماعي كمكون رئيسي لأهداف التنمية الشاملة لدولة المجلس واقتصاده المتطور عالميًا.