تعد آثار المملكة الأردنية الهاشمية شهادة حية على قصة تاريخية غنية ومتنوعة امتدت لآلاف السنين. يمتد هذا التأريخ الغني إلى عصور ما قبل التاريخ، مروراً بالفترات الرومانية والإسلامية والعثمانية وغيرها الكثير. تلعب هذه الآثار دور المرشد المؤرخ للأجيال الحالية والمستقبلية حول الحياة اليومية وأسلوب معيشة الشعوب القديمة التي سكنت المنطقة. تشكل الأردن خريطة وجهود تعكس العديد من الثقافات والتقاليد المختلفة التي ازدهرت تحت سمائه الواسعة.
في جنوب البلاد، يمكن للمرء زيارة مدينة البتراء الخلابة - المعروفة أيضاً باسم "مدينة الرجم"- والتي كانت مركزاً تجارياً هاماً خلال القرن الأول الميلادي. تم نحت مداخلها وروافدها الرائعة داخل الصخور الحمراء القاسية، مما يعطي انطباعاً مذهلاً عن المهارات الهندسية والفنون التقليدية لدى سكان ذلك الوقت. بالإضافة لذلك، تحتوي المدينة على مجموعة متنوعة من المباني العامة مثل المسرح الكبير والمعبد الرئيسي والمقابر المتقنة النقوش الفنية عليها.
على الجانب الآخر من البلاد، يوجد موقع جرم التي تعتبر واحدة من أكثر المواقع شهرة ودراسة بشكل مكثف بالنسبة للعلماء بسبب اكتشافاتها الأثرية المهمة. هنا، تم التنقيب عن بيوت ومنشآت بدائية ومراكز للحرف اليدوية تعكس نمط حياة المجتمع البدائي منذ حوالي 9 آلاف سنة مضت. كما أنها موطن لأقدم مستوطنة بشرية معروفة وهي كفر حورين التي يعود عمرها لما يقارب الـ11 ألف عام تقريباً.
وفي الشمال، تبرز مسلة دير علا الموجودة بالقرب من نهر الأردن والذي يشهد أحداثاً مهمة في الكتاب المقدس بما فيها معمودية يسوع المسيح حسب العقيدة المسيحية. تعتبر قلعة عجلون مثال رائع للهندسة الدفاعية الإسلامية ويُعتقد أنها بنيت في بداية عصر الدولة الأموية. وفي العاصمة عمان، يمكنك التجول وسط مبنى عمّان الروماني والذي كان ملتقىً ثقافيًا واجتماعياً مهما للسكان المحليين آنذاك.
إن الزيارة لتلك المواقع ليست مجرد رحلة لاستكشاف الماضي؛ بل إنها فرصة للتعلم من التجارب الإنسانية المشتركة وكيف تطورت مجتمعات مختلفة عبر قرون عديدة. إن تراث الأردن الثري يعد مصدر إلهام لنا جميعا وهو دليل حي على قدرة البشرية على التحمل والحفاظ على قيمتها الثقافية حتى أمام تحديات الزمن.
