يعد تعداد السكان أحد المؤشرات الرئيسية لقياس ازدهار البلد ونموه الاقتصادي والاجتماعي. وفي هذا السياق، يسلط الضوء على الأردن كمثال بارز لبلد خصب ومتنوع جغرافياً وديمغرافياً. وفقا لأحدث الإحصائيات الرسمية الصادرة عن دائرة الإحصاءات العامة في الأردن، بلغ العدد التقريبي لسكان المملكة حوالي 11,164,552 نسمة بحلول نهاية عام 2022. ويعكس هذه الرقم معدلات نمو عالية نسبياً مقارنة بدول أخرى في المنطقة بسبب عوامل متعددة منها ارتفاع معدل الولادات وتزايد هجرة العمالة الوافدة إلى البلاد بحثاً عن فرص عمل وظروف حياة أفضل.
ومن الجدير بالذكر أن التركيبة السكانية للأردن تشهد تحولات كبيرة خلال العقود الأخيرة نتيجة لعوامل مختلفة مثل التعليم والتطور الصحي وتحسين مستوى المعيشة العام. فمنذ الاستقلال حتى الآن، انخفضت نسبة الأمية بصورة ملحوظة لتصل إلى أقل من 7٪ بين الفئات العمرية المختلفة. كما أدت جهود الحكومة نحو تعزيز الخدمات الصحية بشكل كبير إلى تقليل مستويات الوفيات والإصابة بالأوبئة التي كانت سائدة سابقاً وبالتالي زيادة متوسط العمر المتوقع للمواطنين. ومن الناحية الاجتماعية، تساهم كذلك السياسات الحكومية الداعمة للتعليم ومشاريع تنمية المجتمع المحلي في رفع المستوى الثقافي والمعرفي للسكان بالإضافة لتحقيق توازن اجتماعي وثقافي أكثر شمولاً داخل مجتمع الأردني الموحد.
وعند النظر في توزيع السكان عبر مختلف مناطق المملكة، يمكن ملاحظة وجود بعض التفاوتات الجغرافية. فعلى سبيل المثال، تعد العاصمة عمان الأكثر اكتظاظاً بالسكان بنسبة تبلغ قرابة الـ38% من إجمالي عدد السكان وذلك نظرًا لحضورها المركزي كمقر حكومي ولعب دور محوري كمركز اقتصادي واجتماعي رئيسي لدولة الأردن كافة. أما محافظات الجنوب مثل الكرك ومعان فهي ذات كثافة سكينة دنيا نسبيًا بالمقارنة بينما تتميز المناطق الشمالية مثل إربد وجرش بكثافة سكانية أعلى قليلاً والتي يعزو البعض ذلك إلى تراث تاريخي قديم لهذه المناطق وأثر الديناميكيات التجارية والحركة البشرية عليها منذ القدم مما أكسب تلك المواقع أهميتها الاستراتيجية عند توسيع المدن الحديثة واستقرار أغلب الهجرات الداخلية والخارجية إليها لاحقًا.
ختاما، فإن فهم ديناميكية التعداد والسلوك الديموغرافي للشعب الأردني ليس فقط أمر جذاب ولكنه أيضا ضروري لفهم كيفية تأثير اتخاذ القرار السياسي على الحياة اليومية لكل مواطن وكذلك الطرق المثالية للتخطيط للتقدم الاجتماعي والاقتصادي المستقبلي للدولة كوحدة واحدة مستقلة بذاتها ولكن لها علاقات مؤثرة مع العالم الخارجي سواء كان ذلك بشكل مباشر أم غير مباشر.