- صاحب المنشور: ثريا التواتي
ملخص النقاش:
التأثيرات المتنوعة للتطور التكنولوجي الحديث على جيل الأطفال والشباب تشكل مصدر قلق كبير. مع الانتشار الواسع للهواتف الذكية والأجهزة اللوحية وألعاب الفيديو والحوسبة السحابية، أصبح العالم الرقمي جزءاً أساسياً من حياتهم اليومية. هذه الظاهرة تفرض تحديات جديدة تتعلق بصحة نفسية هؤلاء الأفراد وتتطلب تحليلاً عميقاً لفهم أبعادها المختلفة.
تأثير الوقت المستغرق أمام الشاشات
إن الزيادة الكبيرة في وقت الاستخدام للأجهزة الإلكترونية قد أثرت بشكل ملحوظ على النشاط البدني والنمو الاجتماعي لدى الطلاب الصغار والكبار. الدراسات الحديثة تشير إلى وجود علاقة مباشرة بين انخفاض مستوى الرياضة وتعزيز الجلوس لفترات مطولة وبين مشاكل صحية عدة مثل زيادة الوزن والسمنة واضطرابات النوم. بالإضافة لذلك، يؤثر طول فترة التعرض للشاشة أيضاً على المهارات الاجتماعية الأساسية كالقدرة على التواصل والعلاقات الشخصية والتفاعلات الفعلية.
الضغط النفسي والصراع مع التحكم بالوقت
يمكن اعتبار استخدام الوسائط الرقمية إدمانًا - وهو موضوع محل خلاف علمي حاليًا. لكن هناك توافق عام حول حقيقة أنّ الكثير ممن يقضون معظم وقتهم عبر الإنترنت يشعرون بمستويات أعلى من القلق والإجهاد والإرهاق العقلي. هذا الشعور غالبا ما ينجم عن حاجز عدم القدرة على فصل الحياة الواقعية عن الحياة الافتراضية؛ حيث يمكن للمستخدمين مواجهة العديد من المواقف المثيرة للتوتر أو الاحباط أو الانزعاج داخل بيئة رقمية غير محددة وغير خاضعة لقوانين المجتمع التقليدديّة.
التأثير السلبي المحتمل على الدماغ الناشئ
تشير بعض الأبحاث أيضًا إلى احتمالات لتغير هيكل وظائف دماغ الأطفال والمراهقين بسبب استعمال وسائل الإعلام الجديدة. تلعب السن المبكرة دوراً محورياً في بناء دور العقل البشري وتشكيله بطريقة فريدة. وقد يساهم الكم الكبير منه تعرض هؤلاء الأصاغر لعناصر مختلفة ومتنوعة للغاية سواء كانت مرئية أو سمعية أو حتى ذوقية كما هو الحال عند اللعب بألعاب الفيديو التي تحتوي عناصر مكافأة خاصة بتناول الطعام مثلا – يساهم كل ذلك مجتمعا فيما يعرف بتنشيط الشبكات المركزية للدماغ والتي ربما تساهم مستقبلا في حالات اضطراب انتباه نقص التركيز ADHD، الاكتئاب، أو تقليل تقدير الذات والقيمة الذاتية لدي الطفل عندما يتعلم كيف يقيّم أدائه مقارنة بالأقران عبر المقاييس العنيفة المحملة بالعوامل المؤثرة اجتماعيا وعاطفيًا والذي يصعب عادة فهمه وفك طلاسمه بواسطة أولياء الأمور والمعلمين أثناء مرحلة الطفولة المبكرة .
الحلول المقترحة والاستراتيجيات الوقائية
في ظل هذه البيئة المعقدة، تبدو الحاجة ماسّة لمجموعة متنوعة من التدخلات واستراتيجيات الدفاع ضد تأثيرات التكنولوجيا السلبية. إليك بعض الخطوات العملية التي يمكن اتخاذها:
- وضع حدود زمنية: وضع قواعد منزلية بشأن وقت الشاشة واتفاقيات عائلية مشتركة لحماية الجميع من آثار الاعتماد الزائد عليها.
- تعليم مهارات إدارة الوقت المناسبة: مساعدة الشباب على تطوير نظام حياة أكثر توازنًا يعطي أهمية أكبر للأنشطة الأخرى خارج نطاق الإنترنت كالقراءة والاستماع للموسيقى وممارسة الرياضة والتواصل الاجتماعي وجهًا لوجه وما شابه تلك الأنماط الصحية للحياة العامة .
- تعزيز التعليم الرقمي الآمن: تعليم الأطفال كيفية تجنب محتوى الإنترنت الضار وكيف يستطيعوا الحفاظ على خصوصيتهم وأمان معلوماتهم الشخصية عبر شبكة المعلومات الدولية "الإنترنت" وسط فضاء مليء بالمخاطر الأمن السيبراني الذي يختبئ تحت عباءته العديد من الثغرات والنوازل المرعبة بل والخبيثة أحياناً!
هذه مجرد بداية لبحث أرحب حول مدى تأثير عالمنا الرقمي الجديد على سلامة الشباب عقليا وجسديا وسلوكيا؛ الأمر الذي لن ينتهي بلا شك حتى يتم معرفة المزيد وإيجاد حلول فعالة لهذه المشكلة العالمية المتنامية سرعة انتشار النار في الهشيم!!