في يومٍ مباركٍ من أيام التاريخ، تحديدا في الثالث والعشرين من سبتمبر لعام ١٩٣٢ ميلادي، شهد العالم حدثًا مفصليًا كان له وقعٌ عميقٌ في المنطقة وفي عالم السياسة العالمية أيضًا - وهو تحويل مملكة الحجاز ونجد وملحقاتهما إلى "المملكة العربية السعودية"، بتوجيه وإرادة ملك القلوب المؤسس عبدالعزيز آل سعود. لقد جاء هذا القرار الكبير ليختصر مرحلة طويلة ومفصلة ومفعمة بالتحديات والتضحيات من أجل تحقيق وحدة البلاد ووطنيتها.
لقد كانت تلك اللحظة ثمرة عمل مضني وطموحات كبيرة للإمام عبدالعزيز آل سعود منذ بداية القرن العشرين والتي امتدت عبر ثلاثة قرون تقريبًا وهي مدة حكم ثلاث دول سعودية متعاقبة:
الدولة السعودية الأولى (١٧٤٤–١٨١٨):
كانت إنطلاقة المشروع السعودي نحو النهضة والحكم المستقل بقيادة أمير الدرعية الشاب محمد بن سعود وزعيم الصحوة الدينية الشيخ محمد بن عبدالوهاب الذين جمعهما هدف مشترك يتمثل في إعادة الدين الإسلامي إلى سابق عهده قبل الانحرافات الظاهرة آنذاك. وقد أسفر تعاون الرجلين المثمر عن انتشار حركة دعوية أثمرت ظهور علماء كبار وفلاسفة بارعين وساهموا بشكل كبير في تشكيل الفكر والمعرفة الإسلامية خلال ذاك الوقت المضطرب سياسياً واجتماعياً. ورغم نجاحاتها الباهرة إلا أنها ما لبثت أن انهارت نتيجة التدخل العثماني المغتصب للحكم حينا قصيرا واستعادة الاستقلال لاحقا.
الدولة السعودية الثانية (١٨٢٤ - ١٨٩١):
لم يدم فراق الواقع السياسي طويلاً فقد استطاع ابن ابن المؤسسة تركي بن عبد الله إعادة تنظيم صفوف المواطنين مجدداً وبناء قاعدة جديدة للدولة السعودية تستند لنفس القواعد الراسخة والديناميكية التي شهدتها سابقتها. وتميز عصرها الثاني أيضا بمردود فكري وثقافي ملحوظ مما أكسب مجتمعها حصانة ضد هجمات الخارج وغزو النفوذ الاجنبي المهلك الذي دأبت عليه بعض القطاعات الأوروبية المتعطشة للاستعمار واحتلال الأرض بغرض نهب خيرات الوطن العربي والإسلامي. ولكن رغم كل الجهود المبذولة لم تسلم دويلة ابن سعود الصغيرة لحظتها الأخيرة أمام مخالب السلطات الخارجية ودخلت فترة هدوء نسبية بعد سقوط آخر معاقل مقاومة أهل السنة والجماعة في منطقة الأحساء شرق المملكة الحاليّة سنة ألف وثمانمائة وتسعوثلاثين للهجرة النبوية الشريفة.
الدولة السعودية الثالثة: حلم الوحدة بين نجد والبحر الأحمر
بعد مرور أكثر من قرن ونصف قرن على غروب الشمس على الأخدود الأخضر للعهد الرياضي الأول عاد بطلها الحق عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود بخطة محكمة لإعادة رسم الخرائط السياسية لمنطقة الشرق الاوسط وفق رؤيته الطموحة لاستعادة العظمة للسعودية أرض القلب والأرواح. ولذلك شرع بجولات مكوكية بين الإمارات المختلفة داخل وخارج الحدود الرسمية لتوفير بيئة موالية داعمة لمساعي الاتحاد الواحد تحت راية واحدة وعاصمتان العاصمة الجديدة الرياض مركز الحكم والقوة الناصعة لكل العقبات والصعوبات التي ستقف حاجزا امام مشروع وحدتنا الوطنية العريقة ومعسكره الرئيس مدينة جدة المطلة مباشرة على البحر الأحمر والذي يعد بوابة مفتوحة لأوروبا وأرجاء العالم الأخرى كافة فأصبحت بذلك نواة التجارة والنقل البحري المرتقب والمقدر بأن يشكل العمود الفقري لتحقيق تقدمه الاقتصادي الآتي ليس فقط داخليا بل وايضا خارجيتيّا ايضا مستقبلاً بإذن الله تعالى جل وعلى. وهكذا بدأ حقبة جديده تسمح لنا باستخلاص درس مهم بشأن أهمية وضع خطوات ثابتة تجاه التعامل بحزم ودبلوماسيّة عالية المستوى عند مواجهة تحديات خارجية بغاية المحافظة على استقلال الدولة وحفظ تراث شعبها الغالي وتعزيز مكانته الدولية خاصة حين تتعلق الامور بشؤونه المقدسة المؤصلة جذور ديننا الاسلامي الحنيف والحفاظ كذلك علي سلامة حقوق اراضي ومياه اراضيه المقفرة بلا منازع أبدا للأبد. إذ أنه بدون التكاتف المنتظر فإن المساحة الضخمة لسطح منطقتنا جغرافياً قد تعرضنا للتفتيت حكما فيما لو ظلت حال الانقسامات الطائفية والخلافات الداخلية قائمة كما هي الآن دون اجماع شامل يحقق مصالح جمبع طبقات المجتمع السعودي بما فيها الأقليات السكانية الأكثر عرضة للاستهجان الاجتماعي والكراهية الحكومية .
وبالفعل وجدت بوادر بوادر الإجراءات التنفيذية الفعالة أثمارها المرغوبة تحديدًا فى العام Nineteen Thirty Two الميلادية حين تم اعتماد الاسم الرسمي החדَش " المملكة العربية السعودية" عقب تصديق مجلس الوزراءآنذاكعلى قرارمجلسالأمراءالسعوديينالحاكمبرياضمدينةالقاعدةالرئيسينةلفترةاحتجاجهاالثانيةتنوعاوشرعالملكتوحيدالنواحيالإداريةوالإقليميةالتابعةللقطاعالغربي( الحجاز)بشكلكامل بالإضافة الى قبائل وشخصيات مؤثرة أخرى ذات نفوذ محلي بالمناطق الداخلية كالدرعية مثلا وكذلك شمال جنوب العروض عبر الصفقة الشهيرة والمعروفة باسم اتفاق مكة المكرمة الموقع بين فرقاء الحرب المدنية القديمة المتحاربين وقتئذ والتي اتسمت جميعها بالإيجابية الجدلية لصالح تمركز السلطة المركزي الحرصة منه برأي البعض الآخر عن طريق ادراك ضرورة وجود سلطة مركز واحد فوق الجميع وكافة الهويات الفرعية الفرعية لانهاء حالة التشظي والرأسمارية المصنعة المصنعو السياسيون السابقين للنظام الاتحادي القصري القديم الزائل بزواله وبالصدد هنا يمكن ذكر مثال بسيط لكن مفيد للغاية حول ماهية دور حضور شخصيات وطنيه ذو تانو"